الشيخ سيد Ù…Ø¨Ø§Ø صاحب الموقع
عدد الرسائل : 2210 العمر : 63 العمل/الترفيه : كاتب اسلامى تاريخ التسجيل : 07/12/2008
| موضوع: منكري السنة بين التشكيك والافتراء بقلم الشيخ سيد مبارك يناير 29th 2009, 8:43 am | |
| منكري السنة بين التشكيك والافتراء
في هذا العصر لا يخفي علي اللبيب أن الدين الإسلامي يتربص به أعدائه من الداخل والخارج, وفي محاولات متتالية للتشكيك والتضليل قديما وحديثا من منكري السنة وأسلافهم من الفرق الضالة والمستشرقين الحاقدين علي الإسلام ونبي الإسلام .. خرجت نغمة تدعو إلي الاكتفاء بالقران الكريم القطعي الدلالة والمتواتر والمحفوظ بحفظ الله تعالي له, وترك العمل بالسنة لأنها ظنية الثبوت وتتعارض مع القرآن في زعمهم.
وبهذا المنطق الفاسد شكك منكروا السنة في علم الحديث برمته دراية ورواية, واتهموا الرواة وقدحوا في الصحابة الكرام
والأئمة الأعلام واتهموهم بالكذب والتدليس ومخالفة نصوص القرآن القاطعة الدلالة من وجهة نظرهم !!
وانتهى بهم الأمر إلى إنكار كل معلوم بالدين بالضرورة والذي اتفق عليه علماء الأمة سلفاً وخلفاً, حتي أن زعيمهم " رشا خليفة " قال قبل مقتله في بلاد ما وراء المحيطات" أن السنة هي الشيطان .. وأن الإمام البخاري كافر, وأنتهي به الأمر إلي أن قال أن القران هو معجزته وأدعي النبوة ", وتبعه علي ضلالته وفسقه بعضا من أصحاب الفكر الضال والمنحرف أمثال "محمود أبو ريه" وكتابه أضواء علي السنة المحمدية دليل إدانته, وأحمد
صبحي منصور وقبلهما أو بعدهما نفر من المفكرين والكتاب المعروفين والمرموقين في المجتمع ولعل احدثهم ممن تفرد له المجلات مساحات واسعة لبث سمومة وحقده الدفين من السنة والإسلام وإن ادعي غير ذلك هو "الدكتور أحمد شوقي الفنجري " فقد نشرت له مجلة " روز اليوسف في عددها يوم السبت 7 اكتوبر2006م الموافق 14 رمضان 1427 هـ ص/70-71 تحت عنوان " جواسيس تلفيق الأحاديث"كثيرا من شطحاته, فهو يرفض بالهوي جملة من الأحاديث الصحيحة لأنها تخالف العقل والمنطق كحديث الذبابة والتداوي ببول الإبل والحجامة وأحاديث تحريم تعطر
المرأة ومصافحتها وأحاديث الحجاب والنقاب ويري أن في البخاري ومسلم اصح كتب الأحاديث الذي أجمع عليها علماء الأمة الثقات الكثير من الأحاديث الموضوعة!!
ومجلة "روز اليوسف " كعادتها تستضيف كل صاحب فكر ضال يهاجم الإسلام ورموزه, وتنشر علي صفحاتها الكثير مما تتأذى منه النفوس المؤمنة دون تعليق منها علي صحة أو خطأ صاحب هذا الفكر بسؤال أهل التخصص.
ونحن نسأل المدافعين عن التخصص لماذا لا تنشر المجلة أو الجريدة بعد هذه الشطحات التي هي جهل وافتراء رأي عالم من علماء الأزهر ردًا عليها وبيان صحيحها من سقيمها..
وما ينفع الناس ويمكث في الأرض وما يذهب هباءً منثوراً...
السنا في بلد يحترم الرأي والرأي الأخر....!!!
السنا في بلد غالبيته مسلمين وفيه مالا يحصي من علماء الدين المعتدلين من الأزهريين وغير الأزهريين وهم أهل علم وفقه وحديث.
لماذا أذن نلجأ في بيان علوم الدين لخطباء الفتنة ليفسدون علي الناس دينهم...
ما الهدف من تشكيك الناس في صحة أحاديث البخاري ومسلم وهي أصح كتب الأحاديث عند أهل التخصص من المحدثين؟
أنا لا أدري, ولا تعليق لنا والله تعالي أعلم بالنيات والسرائر.
وقد جرت العادة لكثير من المجلات والجرائد الحاقدة علي الدين أن تنشر الشطحات الدينية لبعض المثقفين والمفكرين بلا رادع من دين أو ضمير أو قانون.
وهي تتبرأ من هذه الشطحات خوفا من غضب الرأي العام وتنبه بلا حياء إن ما ينشر لا يعبر بالضرورة علي وجهة نظر المجلة, وهو قول فيه من الغباء وسوء النية ما يغنينا عن التعليق عليه.
فالذي يترك السارق يسرق ماله وهو يعينه علي بلوغ ذلك ثم يقول لا شأن لي بتصرفاته الحمقاء لا ريب في جنونه وسقم منطقه.
وبئس التجارة هي من أجل الاستمرار والمنافسة علي حساب الدين والعقيدة.
الشطحات مستمرة من منكري السنة:
ولقد وقع في يدي كتاب لرجل من منكري السنة عنوانه " استحالة وجود النسخ بالقران " ولمؤلفه كتب أخري مثل " استحالة وجود عذاب القبر " و" استحالة وجود المسيح الدجال " ..
حتي صارت ثوابت الدين عنده كلها إستحالات !!!
والرجل يتشفى من السلف الصالح والأئمة الأعلام ويصفهم بأوصاف أبعد ما تكون عن أداب البحث العلمي والمنهجي, فهو يقول علي الألباني - رحمه الله " وصححه حشوي العصر الألباني " وعندما ذكر قول أبن القبم في العقوبة الشرعية لمن ينكر القبر والشفاعة وما هو من ثوابت الدين قال: ونحن في غني عن دموية المتطرفين, وفي سياق كلامه عن السلف الصالح يقول: والخلف المتخلف, والكتاب كغيره من كتب القوم يغلب عليه التشكيك والافتراء
ومن ثم لم أشعر بنفسي إلا وأنا أعكف علي كتب القوم وأعيد قراءتها رغم رائحتها التي تزكم الأنوف.
ولأن في دنيا الناس لكل صاحب هوي أذن تسمع وعين تقرأ فأري من الضروري أن نلقي بعض الضوء عن هؤلاء القوم وفكرهم الضال وتمردهم عن السنة وسفههم في التشكيك في الصحابة وعدالتهم وعلماء الأمة
وأمانتهم ونرد علي شبهاتهم وشطحاتهم التي لا تنتهي...
وحجتهم في ذلك تخليص الدين من الشوائب والدفاع عن النبي الذي لم يقل هذه الأحاديث الباطلة التي جاءت في الصحيحين.
ونبدأ ردنا بسؤال لابد منه وهو من هم منكروا السنة؟
الإجابة: هم طائفة من شرار الخلق تدعوا إلى الاكتفاء بالقرآن القطعي الثبوت وترك الاحتجاج بالسنة المصدر الثاني للتشريع لأنها ظنية الثبوت وقالوا بلا مواربة " حسبنا كتاب الله ".
* النشأة والتطور :
لها من شبهات منافقي زمن النبي عليه الصلاة والسلام؛ إذ ليرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى، وشرعوا فيما لا مسرح للفكر فيه ولا مسرى، وسألوا عما منعوا من الخوض فيه، والسؤال عنه، وجادلوا بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه. اعتبر حديث ذي الخويصرة التميمي؛ إذ قال: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل، حتى قال عليه الصلاة والسلام: (إن لم أعدل فمن يعدل؟) فعاد اللعين وقال (هذه قسمة ما أريد بها وجه الله تعالى)، وذلك خروج صريح على النبي عليه الصلاة والسلام، ولو صار من اعترض على الإمام الحق خارجيا، فمن اعترض على الرسول أحق بأن يكون خارجيا، أوليس ذلك قولا بتحسين العقل وتقبيحه، وحكما بالهوى في مقابلة النص، واستكبارا على الأمر بقياس العقل؟ " اهـ
قلت: ومن بعد" ذي الخويصرة " يمكن القول أن مصادر التلقي لمنكري السنة أو أصولهم ممن سبقوهم في الإنكار والتضليل تعود إلي عدة مصادر قديما وحديثا أذكر هنا ثلاثة منها وهم:
1- الشيعة : ...
من المعلوم عداوة الشيعة من صحابة رسول الله رضي الله عنهم, بعد بيعتهم لأبي بكر الصديق إماماً وخليفة للمسلمين, لأنهم يروا أن علياً - رضي الله عنه أولي بالخلافة, وقد أدت هذه العداوة إلي
الكبر والغلو ورفض كل ما يأتي عن الرسول - - صلى الله عليه وسلم - - عن طريقهم بعد أن حكموا عليهم بالكفر والخروج من ملة الإسلام.
قال ابن تيمية في" الفتاوى ألكبري بتصرف- 6/369 "
والشيعة هم ثلاث درجات، شرها الغالية الذين يجعلون لعلي شيئاً من الإلهية أو يصفونه بالنبوة.
والدرجة الثانية: وهم الرافضة المعروفون، كالإمامية وغيرهم، الذين يعتقدون أن علياً هو الإمام الحق بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بنص جلي أو خفي وأنه ظلم، ومنع حقه، ويبغضون أبا بكر وعمر ويشتمونهما.
والدرجة الثالثة: المفضلة من الزيدية وغيرهم، الذين يفضلون علياً على أبي بكر وعمر، ولكن يعتقدون إمامتهما وعدالتهما ويتولونهما. اهـ
2-الخوارج:
والخوراج هم الذين خرجوا علي حكم سيدنا عثمان حتى قتلوه ثم أنكروا علي سيدنا علي - رضي الله عنه- قبوله التحكيم في موقعة صفين وانقلبوا عليه, ورفضوا قبول ما جاء من أحاديث عن الصحابة ممن شارك في الفتنة فهم أئمة الجور (حسب زعمهم), ولذا نسب البغدادي في "كتابه أصول الدين -ص19 " إنكار السنة إلى الخوارج .
وقال ألأجري في ""الشريعة بتصرف- باب ذم الخوارج وسوء مذهبهم وإباحة قتالهم 1/29"
قال محمد بن الحسين: لم يختلف العلماء قديماً وحديثاً أن الخوارج قوم سوء، عصاة لله عز وجل ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وإن صلوا وصاموا، واجتهدوا في العبادة، فليس ذلك بنافع لهم .. لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون، ويموهون على المسلمين ...إلي أن قال : ثم إنهم بعد ذلك خرجوا من بلدان شتى، واجتمعوا وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى قدموا المدينة، فقتلوا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه . وقد اجتهد
أصحاب رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - - ممن كان في المدينة في أن لا يقتل عثمان، فما أطاقوا ذلك. ثم خرجوا بعد ذلك على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يرضوا بحكمه، وأظهروا قولهم، وقالوا: لا حكم إلا لله، فقال علي رضي الله عنه: كلمة حق أرادوا بها الباطل، فقاتلهم علي رضي الله عنه فأكرمه الله عز وجل بقتلهم، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بفضل من قتلهم أو قتلوه، وقاتل معه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم. فصار سيف علي بن أبي طالب في الخوارج سيف حق إلى أن تقوم الساعة ."اهـ
3- الأستشراق:-
بدأت أول مراحل الأستشراق عندما صارت الحضارة الإسلامية لا تضاهيها حضارة أخرى
في العلوم والمعارف, وبدافع من الحقد والكراهية للإسلام بدأ الإستشراق في التشكيك في مصدري التشريع الكتاب والسنة ولما عجزوا عن التشكيك في القرآن الذي وعد الله بحفظه- كما قال تعالي: { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }-الحجر/9
انتقلوا بحقدهم إلي المصدر الثاني وهو السنة النبوية وابرزوا الخلافات وحرفوا النصوص وأنكروا حجية السنة وشككوا في كتب الصحاح والمسانيد واخضعوا الأحاديث للتجارب المعملية وأساءوا إلي نبي
الإسلام وإلى الصحابة الكرام, وأمثال هؤلاء المستشرقين المستشرق اليهودي المجري "جولد تسيهر" ومن افتراءاته في كتابه "العقيدة والشريعة في الإسلام" قوله:
إن القسم الأكبر من الحديث ليس إلا نتيجة للتطور الديني والسياسي والاجتماعي للإسلام في القرنين الأول والثاني, وأنه ليس صحيحاً ما يقال: من أنه وثيقة الإسلام في عهدة الأول عهد الطفولة ولكنه أثر من أثار جهود الإسلام في عصر النضوج .اهـ
وكذلك المستشرق الأمريكي" جب " الذي قال: الإسلام بني على الأحاديث أكثر مما هو مبني على القرآن ولكننا إذا حذفنا الأحاديث
الكاذبة لم يبق من الإسلام شئ ..) (أنظر التبشير والاستعمار د/ مصطفى خالد ), وغيرهما من المستشرقين الحاقدين علي الإسلام ونبي الإسلام.
وفي هذا الذي قالوه افتراء فاضح وتدليس تدحضه وتنفيه وقائع التاريخ, وكل ذلك من أجل النيل من السنة النبوية, ولن ينجحوا في مأربهم فإن السنة الشريفة قد ثبتت بأدق طرق التثبيت للرواية, والنقل الصحيح بالإسناد المتصل حسب علم وأصول خص الله به هذه الأمة حفظاً لسنة رسوله - - صلى الله عليه وسلم -
وبعد فهذه هي أهم مصادر منكري السنة قديماً وحديثاً التي بنوا عليها ترهاتهم وأباطيلهم وتلك هي نشأتهم وتطورهم.
"شبهات وردود حول حجية السنة "
أثار منكروا السنة شبهات عدة حول حجية السنة, وزعموا أن كثيرا من الأحاديث تناقض القران القطعي الثبوت ويخالف بعضها بعضا كما أنها تخالف العقل واستباحوا لأنفسهم الخوض في المسلمات والتشكيك في الثوابت, وها نحن نطرح بعضًا من شبهاتهم ونرد عليها بما تستحق حتي لا يغدر بمنطقهم السقيم أصحاب القلوب الضعيفة والعلم المحدود.
- معني حجية السنة وأهميتها في التشريع :
قالوا أن حجية السنة هي وجوب العمل بمقتضاها,
وقال صاحب" حجية السنة ": وليت شعري كيف يتصور: أن يكون نزاع في هذه المسألة بين المسلمين وأن يأتي رجل في رأسه عقل،ويقول أنا مسلم. ثم ينازع في حجية السنة بجملتها؟ مع أن ذلك ما يترتب علية عدم اعترافه بالدين الإسلامي كله من أوله إلي آخرة فإن أساس هذا الدين هو:الكتاب ولا يمكن القول بأنه كلام الله - مع إنكار حجية السنة جملة فأن كونه كلام الله لم يثبت إلا بقول الرسول .الذي ثبت صدقة بالمعجزة): " إن هذا: كلام الله وكتابة" وقول الرسول هذا من السنة التي يزعم
أنها ليست بحجة،فهل هذا إلا الحاد وزندقة، وإنكار للضروري من الدين يقصد تقويض الدين من أساسه. اهـ (0حجية السنة د/عبد الغنى عبد الخالق ص 250)... وها هي أهم ثلاث شبهات لمنكري السنة حول حجية السنة والرد الوجيز عليها والله المستعان.
الشبهة الأولى :
قالو أن الله تعالي يقول (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) (الأنعام /38), ويقول (ونزلنا عليك الكتاب تبيناً لكل شيء) النحل/89 ثم زعموا أن كان القرآن الكريم حوي كل أمور الدين فلا حاجة للسنة الظنية الثبوت مع القرآن القطعي الثبوت وهذا الذي زعموه أن دل
على شيء فهو يدل على أن القوم لا يفقهون شيئا ًفليس المراد بالآية الأولي: (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) القرآن الكريم وهذا بدهي لأن القرآن مجمل وليس مفصل وألا فليقل لنا أذكياء القوم .. كيف نصلي ونحج؟ وما هي أنصبه الزكاة وما أشبه ذلك, فلن يجدوا في القرآن تفصيل ذلك البتة, ومن ثم يكون المراد بالكتاب اللوح المحفوظ "فإنه الذي حوى كل شئ وأشتمل على جميع أحوال المخلوقات كبيرها وصغيرها, جليلها ودقيقها, ماضيها وحاضرها ومستقبلها على التفصيل التام, كما قال - - صلى الله عليه وسلم - - ( جف القلم
بما هو كائن إلى يوم القيامة ), وهذا هو المناسب قوله تعالى (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم (38)) "الأنعام - ( وأنظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/420)
ومن ثم يتبين لنا أن القرآن فيه أمور الدين وكلياته على سبيل الإجمال بينما السنة تأكيد له ومفسرة لما أجمل منه.
الشبهة الثانية :
أن الله تكفل بحفظ القرآن دون السنة فقال تعالى { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) } الحجر/9- فكيف نتخذها حجة وهي ظنية
الثبوت والقرآن قطعي الدلالة محفوظ بحفظ الله . وهذه الشبهة مردودة لأن الله تكفل بحفظ السنة بنص الآية السابقة لأن من المعلوم أن المراد بالذكر هو القرآن الكريم, ولما كان القرآن مجمل غير مفصل والسنة هي المبينة له كما ذكرنا فيتعين حفظها أيضاً لبيان ما أجمل فيه وهذا ندهي لا مراءه فيه, والدليل على ذلك قوله تعالى { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)} النحل
والذكر هو القرآن والبيان هنا للرسول- أي سنته - صلى الله عليه وسلم -- لا ريب كي يدرك الناس ما استشكل عليهم في دينهم ودنياهم, من أوامر الله تعالى التي يزعم منكريها بعدم حفظها, وقال العلماء: حفظ القرآن يتوقف على حفظها ومستلزم له بما أنها حصنه الحصين ودرعه المتين, وحارسه الآمين, وشارحه المبين : تفصيل مجمله, وتفسر مشكله وتوضيح مبهمة, وتقيد مطلقه, وتبسط مختصره, وتدفع عنه عبث العابثين ولهو اللاهين, وتأويلهم إياه علي حسب أهوائهم وأغراضهم, وما تمليه عليهم رؤوسهم وشياطينهم . فحفظها من أسباب حفظه وصيانتها صيانة له .( حجية السنة د/ عبد الغني عبد الخالق ص/391)
الشبهة الثالثة:
قالوا لو كانت السنة حجة لأمر النبي بكتابتها ولكنه نهاهم عن ذلك كما هو ثابت عنه, وللرد علي هذه الشبهة نقول إنه ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال ( لا تكتبوا عني غير القرآن ومن كتب غير القران فليمحه وحدثوا عني ومن كذب علي فليتبوأ مقعده في النار )- مسلم
- والمتجرد من الهوى الذي يريد الحق يدرك بعد بحث يسير لماذا أمر النبي بذلك, وسوف يدرك أن الصحابة كانوا يكتبون القرآن والسنة في صحيفة واحدة, فكان
لنهي حتي لا يختلط القرآن بالسنة فلما امن هذا الجانب نسخت أحاديث النهي كما سوف نذكر وكما هو معلوم في علم الأصول أن المثبت مقدم علي النافي, وقيل في النهي غير ذلك " وأنظر شرح النووي للحديث "
وقال ابن حجر- "في مقدمة الفتح -ج1/ص4" :أعلم علمني الله وإياك أن أثار النبي لم تكن في عصر أصحابه وكبار تبعهم مدونه في الجوامع ولا مرتبة لأمرين :
أحدوهما: أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك خشية أن يختلط بعض ذلك بالقران العظيم .
وثانيهما: لسعة حفظهم وسيلان أذهانهم ولأن أكثرهم لا يعرفون الكتابة .ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار وتبويب الأخبار لما أنتشر العلماء في الأمصار, وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الأقدار " اهـ
قلت :ثم أن في الحديث دليل علي أن من الصحابة من كان يكتب فكان النهي عن ذلك, وما يدل علي ترخيص النبي لهم بعد ذلك ما ذكره الترمذي وغيره بإسناد صحيح أن أبو هريرة قال :" ما من أصحاب رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - - أكثر حديثا مني إلا عبد الله بن عمرو بن العاص فإنه يكتب وكنت لا أكتب " "الترمذي في العلم عن رسول الله/2668", كما أمر النبي - - صلى الله عليه وسلم - - كما هو ثابت في صحيح مسلم " أن يكتبوا لأبي شاه ", ومن ثم فأن كتابة أحاديث النبي أمر لا يجادل فيه إلا مكابر وأن النهي كان لما سبق بيانه
أنفا, وأما دليل النسخ ففي صحيح سنن أبوداود -كتاب العلم -عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أريد حفظة فنهتني قريش وقالوا أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر يتكلم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأومأ بإصبعه إلى فيه فقال أكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق (أنظر صحيح سنن أبو داود /3646)
ثم من قال أن الكتابة فقط هي التي تجيز حجية السنة ؟!
فهذا ليس صحيحا علي الإطلاق, وليس أدل علي ذلك من القرآن نفسه فهو منقول إلينا بالتواتر اللفظي ولولا هذا التواتر لما حصل القطع بشيء ..قال ابن الجزري :أن الاعتماد في نقل القران علي حفظ القلوب والصدور لا علي حفظ المصاحف والكتب وهذه خصيصة من الله تعالي لهذه الأمة .. إلي أن قال : ولما خص الله تعالي بحفظه من شاء من أهله أقام له أئمة ثقات تجردوا لتصحيحه ويذلوا أنفسهم في إتقانه وتلقوه من النبي - - صلى الله عليه وسلم - - حرفا حرفا لم يهملوا منه حركة ولا سكونا ً ولا إثباتا ولا حذفاً ولا دخل عليهم شيء منه
لأنها الركن الثاني في الإسلام .. ومن ثم فالكتابة بمفردها ليس من لوازم الحجة وإلا كان النبي - - صلى الله عليه وسلم - - مقصر في بيان أمر الله لأمته وهذا باطل كما لا يخفي ويخالف قوله تعالي (اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً) المائدة/3 " ولزيادة بيان أنظر حجية السنة د/ عبد الغني ص/400"
وهناك شبهات أخري ولكن نكتفي بما ذكرنا للتعليق علي كلامهم وردا علي افتراءتهم التي لن تنتهي أبدا.
منكروا السنة والقدح في الأمام البخاري:
إن القول بأن في البخاري أحاديث باطلة وموضوعة قول يفتقر إلي دليل, وقول من يهرف بما لا يعرف فعلم الحديث فن له أصوله وقواعده وأهله..
والإمام البخاري من الأئمة الأعلام في علم الحديث وكتابه الصحيح من أصح كتب الأحاديث التي تقبلته الأمة كلها بالقبول, ولكنه صار العدو اللدود لمنكري السنة أو القرآنيين الذين طعنوا في صحيحه بحجة إنه يخالف القران, واتهموه بالكذب والتدليس وهو الذي شهد له الجميع بالسبق ومكانته العلمية وقوة حفظه وأمانته من علماء عصره حتي أعدائه شهدوا له بقوة ذكائه وحفظه وفي هذا ما يكفي
ويشفي...
| |
|