النساء وخطورة الكلمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئا ت أعمالنا, من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له , و أشهد أن لا أله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..أما بعد:
الثرثرة والقيل والقال في الجلسات الخاصة والعامة أوفي الهواتف أو ما أشبه ذلك والأخذ في الأعراض سواء عن الأصدقاء أو الجيران أو غيرهما لهو فاكهة مجالس النساء ألا من رحم ربي منهن.
ولا يخفي عنهن خطورة ذلك وقدحه في صحة إيمانهن بالله تعالي لان الغيبة أو النميمة أو القذف أو قول الزور في تناقل الإشاعات دون التأكد من صحتها تثير البلبلة والفتنة وتوذي المؤمنين والمؤمنات بغير جريرة لإشاعة كاذبة أطلقها حقود علي بعض الناس وصدقها دون أن يراها فاسق فأنبأ بها غيره وتناقلتها
الألسن وانتشرت كانتشار النار في الهشيم وكأنما رأوها من قالوها ونقلوها رؤية عين وهو ما لم يحدث قطعاً, وهو ما يخالف قوله تعالي:
- قال تعالي (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6))- الحجرات
قال السعدي- رحمه الله- في تفسيرها ما مختصره:
أنظر من الآداب التي على أولي الألباب، التأدب بها واستعمالها، وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بخبر أن يتثبتوا في خبره، ولا يأخذوه مجردًا، فإن في ذلك خطرًا كبيرًا، ووقوعًا في الإثم، فإن خبره إذا جعل بمنزلة خبر الصادق العدل، حكم بموجب ذلك ومقتضاه، فحصل من تلف النفوس والأموال، بغير حق، بسبب ذلك الخبر ما يكون سببًا للندامة، بل الواجب عند خبر الفاسق، التثبت والتبين، فإن دلت الدلائل والقرائن على صدقه، عمل به وصدق، وإن دلت على كذبه، كذب، ولم يعمل به.اهـ.- تفسير السعدي (ص/799)-
ومن ثم نحذر النساء من هذا السلوك الخاطيء الذي ينتشر بينهن فهو لا يليق بالمسلمات المؤمنات العابدات الموحدات لله رب العالمين .
و ينبغي عليهن حفظ ألسنتهن من كل ما يسخط الله تعالي عليهن وهو القائل جل جلاله:
" مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ " ق: 18.
.قال الشوكاني في تفسيرها:
أي : ما يتكلم من كلام ، فيلفظه ويرميه من فيه إلاّ لديه أي : لدى ذلك اللافظ رقيب أي : ملك يرقب قوله ويكتبه ، والرقيب : الحافظ المتتبع لأمور الإنسان الذي يكتب ما يقوله
من خير وشر ، فكاتب الخير هو ملك اليمين ، وكاتب الشرّ ملك الشمال . والعتيد : الحاضر المهيأ .اهـ
كما اذكرهن بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -": من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً، أو ليصمت"- البخاري في الأدب (6018) ومسلم في الإيمان (47)
قال النووي :
.وهذا الحديث صريحٌ في أنه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيراً، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة، فلا يتكلم.اهـ
-وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالاً يرفعه
الله بها درجاتٍ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم - أخرجه البخاري في الرقاق (6478) ومسلم في الزهد (2988)
1)
-وفي آداب الدين والدنيا(ص/341) مواعظ طيبة وأثار للسلف الصالح اذكر نسائنا بها لعل وعسي تجد صدي وموقعاً حسناً في قلوبهن :
اعلم أن للكلام شروطا لا يسلم المتكلم من الزلل إلا بها ، ولا يعرى من النقص إلا بعد أن يستوفيها وهي أربعة : فالشرط الأول : أن يكون الكلام لداع يدعو إليه إما في اجتلاب نفع أو دفع ضرر .
والشرط الثاني : أن يأتي به في موضعه ، ويتوخى به إصابة فرصته .
والشرط الثالث : أن يقتصر منه على قدر حاجته .
والشرط الرابع : أن يتخير اللفظ الذي يتكلم به .
فهذه أربعة شروط متى أخل المتكلم بشرط منها فقد أوهن فضيلة باقيها .
ثم ذكر اثار للصالحين للتدليل علي هذه الشروط منها:
-قال عمر بن عبد العزيز : من لم يعد كلامه من عمله كثرت خطاياه .
-وقال بعض الحكماء : عقل المرء مخبوء تحت لسانه .
-وقال بعض البلغاء : احبس لسانك قبل أن يطيل حبسك أو يتلف نفسك ، فلا شيء أولى بطول حبس من لسان يقصر عن الصواب ، ويسرع إلى الجواب .
-وحكي أن بعض الحكماء رأى رجلا يكثر الكلام ويقل السكوت فقال : إن الله تعالى إنما خلق لك أذنين ولسانا واحدا ليكون ما تسمعه ضعف ما تتكلم به .
-وقال بعض الحكماء : من كثر كلامه كثرت آثامه .
- وقال بعض البلغاء : كلام المرء بيان فضله ، وترجمان عقله ، فاقصره على الجميل واقتصر منه على القليل ، وإياك ما يسخط سلطانك ، ويوحش إخوانك ، فمن أسخط سلطانه تعرض للمنية ومن أوحش إخوانه تبرأ من الحرية .اهـ
فهل لكن معشر النساء من عبرة وعظة مما ذكرناه أنفاً هذا ما أرجوه والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
وكتبه/ الكاتب والداعية الإسلامي المصري سيد مبارك