الأحاديث النبوية الواردة في شأن الصور:
أ - أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون.
1- حديث
عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: [إن أشد
الناس عذاباً يوم القيامة المصورون] (متفق عليه)
2- حديث عبدالله بن عمر رضي
الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [إن الذين يصنعون هذه الصور
يعذبون يوم القيامة، يقال لهم أحيوا ما خلقتم] (متفق عليه)
3- حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن أبي زرعة، قال: دخلت مع أبي هريرة
داراً بالمدينة، فرأى أعلاها مصوراً يصور. قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: [ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة] (متفق عليه)
4- حديث عائشة رضي الله عنها قالت، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
من سفر، وقد سترت بقرام (والقرام بكسر القاف الستر الرقيق، وقيل الصفيق من صوف ذي
ألوان، وقيل هو الستر الرقيق وراء الستر الغليظ (نهاية)، وقال السرقسطي في غريب
(الحديث (2/77/2): هو ثوب من صوف فيه ألوان من العهون وهي شقق تتخذ سترا ويغطى به
هودج أو كله، والجمع قرم) لي، على سهوة (هو بيت صغير منحدر في الأرض قليلاً شبيه
بالمخدع والخزانة كذا، قال ابن الأثير في النهاية) لي، فيها تماثيل، فلما رآه رسول
الله صلى الله عليه وسلم هتكه، وقال: [أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون
بخلق الله]، قالت: فجعلناه وسادة أو وسادتين. (رواه البخاري ومسلم)
ب- لعن المصور.
1- حديث
أبي جحيفة عن أبيه أنه اشترى غلاماً حجاماً، فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى
عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن آكل الربا وموكله، والواشمة والمستوشمة
والمصور. (أخرجه البخاري)
ج- لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صور.
حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير،
فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قام على الباب فلم يدخله فعرفت في وجهه
الكراهية، فقالت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، ماذا
أذنبت؟ فقال رسول اله صلى الله عليه وسلم: [ما بال هذه النمرقة؟] قلت: اشتريتها لك
لتقعد عليها وتوسدها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن أصحاب هذه الصور يوم
القيامة يعذبون فيقال لهم أحيوا ما خلقتم] وقال: [إن البيت الذي فيه الصور لا
تدخله الملائكة] (متفق عليه)
2- حديث أبي طلحة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: [لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تماثيل]. (رواه مسلم)
3- حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أن
جبريل عليه السلام قال: إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صور. (أخرجه البخاري وخرج
مسلم عن عائشة وميمونة مثله)
4- حديث أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أتاني
جبريل فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب
تماثيل وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال
الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتان
منبوذتان توطآن، ومر بالكلب فليخرج]، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا
بالكلب لحسن أو حسين كان تحت نضد لهم فأمر به فأخرج، هذا لفظ أبي داود ولفظ
الترمذي ونحوه ولفظ النسائي، استأذن جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
[ادخل] فقال: كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير؟ فإما أن تقطع رؤوسها أو تجعل
بسطاً يوطأ فإنا معشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه تصاوير] أ.هـ (أخرجه أبو داود
والترمذي والنسائي)
د- ما يستثنى من الصور.
1- حديث
أبي طلحة رضي الله عنه عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه حدثه،
ومع بسر بن سعيد عبيدالله الخولاني، الذي كان في حجر ميمونة رضي الله عنها، زوج
النبي صلى الله عليه وسلم، قال: [لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة] قال بسر: فمرض
زيد بن خالد، فعدناه فإذا نحن في بيته بستر فيه تصاوير، فقلت لعبيدالله الخولاني:
ألم يحدثنا في التصاوير؟ فقال: إنه قال إلا رقماً في ثوب ألا سمعته؟ قلت: لا. قال:
بلى قد ذكره. (أخرجه البخاري ومسلم)
2- حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن سعيد بن أبي الحسن قال : كنت عند
ابن عباس رضي الله عنهما، إذ أتاه رجل فقال: يا ابن عباس، إني إنسان إنما معيشتي
من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير.فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول. سمعته يقول: [من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها
الروح وليس بنافخ فيها أبداً]، فربا الرجل ربوة شديدة، واصفر وجهه. فقال:ويحك، إن
أبيت إلا أن تصنع، فعليك بهذا الشجر، كل شيء ليس فيه روح. (أخرجه البخاري)
3- حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى
الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي يلعبن معي. (أخرجه البخاري ومسلم)
وأخرج أبو داود والنسائي من وجه آخر عن عائشة قالت قدم رسول الله صلى
الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر، فذكر الحديث في هتكه الستر الذي نصبته على
بابها. قالت: فكشف ناحية الستر على بنات لعائشة لعب، فقال: [ما هذا يا عائشة؟]
قالت: بناتي. قالت: ورأى فيها فرساً مربوطاً له جناحان، فقال: [ما هذا؟] قلت: فرس
له جناحان، قلت: ألم تسمع أنه كان لسليمان خيل لها أجنحة؟ فضحك.
هـ- وجوب طمس الصور.
1- حديث
عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك فيه بيته شيئاً فيه تصاليب إلا
نقضه. (أخرجه البخاري ورواه الكشميهيني بلفظ (تصاوير) وترجم عليه البخاري رحمه
الله (باب نقض الصور) وساق هذا الحديث) أ.هـ
2- وعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي رضي الله عنه ألا أبعثك
على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع صورة إلا طمستها، ولا
قبراً مشرفاً إلا سويته. (أخرجه مسلم)
3- حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن
الخطاب زمن الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها، فلم يدخلها
النبي صلى الله عليه وسلم حتى محيت كل صورة فيها. (أخرجه أبو داود)
4- حديث أسامة قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة
ورأى صوراً، فدعا بدلو من ماء فأتيته به فجعل يمحوها ويقول: [قاتل الله قوماً
يصورون ما لا يخلقون]. (أخرجه الطيالسي في مسنده، وقال الحافظ إسناد جيد)
و- حرمة تعليق الصورة على الجدران، ونقشها في الستور.
1- حديث
عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سترت سهوة لي
بقرام فيه تماثيل، وفي رواية فيه الخيل ذوات الأجنحة. فلما رآه هتكه وتلون وجهه،
وقال: [يا عائشة أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله]،
وفي رواية [أن أصحاب هذه الصور يعذبون، ويقال لهم أحيوا ما خلقتم] ثم قال: [إن
البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة]. قالت عائشة: فقطعناه فجعلنا منه وسادة
أو وسادتين، (فقد رأيته متكئاً على إحداهما وفيها صورة). (أخرجه البخاري ومسلم)
2- حديث عائشة رضي الله عنها: حشوت وسادة النبي صلى الله عليه وسلم
فيها تماثيل كأنها نمرقة فقام بين البابين وجعل يتغير وجهه، فقلت: ما لنا يا رسول
الله؟ أتوب إلى الله ما أذنبت. قال: [ما بال هذه الوسادة؟] قالت: قلت وسادة جعلتها
لك لتضطجع عليها. قال: [أما علمت أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة وأن من صنع
الصور يعذب يوم القيامة، فيقال: أحيوا ما خلقتم]، وفي رواية: [أن أصحاب هذه الصور
يعذبون يوم القيامة]. قالت: فما دخل حتى أخرجتها. (أخرجه البخاري ومسلم)
ي- تحريم بيع الصور وصناعتها.
1- حديث
أبي جحيفة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم، وثمن
الكلب، وكسب البغي، ولعن آكل الربا وموكله، والواشمة والمستوشمة، والمصور. (أخرجه
البخاري)
2- حديث جابر رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن الصورة في البيت، ونهى أن يصنع ذلك. (أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح)
ثالثاً: الفوائد المستخلصة من الأحاديث السابقة:
1- المصورون أشد الناس عذاباً:
أول ما يستفاد من الأحاديث السابقة أن المصور الذي يضاهي خلق الله هو
أشد الناس عذاباً يوم القيامة، ولا يكون هذا العذاب الشديد إلا على جرم عظيم، فلا
يمكن أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم إن فاعل كذا أشد الناس عذاباً إلا أن يكون
عذابه فوق الكفر والشرك وسائر المعاصي. وهذا محل السؤال؟ ما حقيقة الذنب الذي
يقترفه المصور؟ والجواب في الفائدة الثانية.
2- التصوير عدوان على صفة من صفات الله تعالى الخاصة.
والجواب أن التصوير يريد به صاحبه مضاهاة خلق الله، وأن يصنع كما
يصنع الله هو عدوان على صفة خاصة به تعالى، وقد اختص الله نفسه بصفات يأبى أن
ينازعه فيها غيره كالكبر والعظمة فالكبرياء والعظمة صفة الله الخاصة كما أن
التصوير كذلك كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم هنا قال تعالى: [ومن أظلم ممن ذهب
يخلق كخلقي] فالمصور معتدٍ على صفة خاصة لله جل وعلا، ولذلك فإن الله يقول للمصور
ويتحداه [فليخلقوا ذرة وليخلقوا برة!!] أي حبة القمح. وبالتالي فإن عذاب المصور أن
يؤمر يوم القيامة أن ينفخ الروح فيما صور، ولن يستطيع ذلك بالطبع.
3- الصور طريق إلى تعظيم غير الله.
الفائدة الثالثة المستخلصة من الأحاديث أن صناعة الصور والتماثيل قد
كانت هي الوسيلة إلى تعظيم هذه الأصنام، وجعلها آلهة وأرباباً من دون الله.
وهذه هي العلة الثانية من علل تحريم الصور فالعلة الأولى هي
المضاهاة، والعلة الثانية هي أنها وسيلة إلى الشرك والكفر.
4- الموقف الشرعي الإسلامي من الصور.
أ- تحريم بيعها وشرائها وهذه هي القاعدة في كل مكان ما حرم الله. [إن
الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه]. (رواه أحمد وأبو داود عن ابن عباس) وصححه الألباني
في صحيح الجامع (4983)
ب- تحريم اقتنائها وتعظيمها ونصبها لأن في ذلك مشابهة ولو ظاهرية مع
الكفار الذين ينصبون ويعلقون صور عظائمهم، وآلهتهم، ومن أجل ذلك غضب الرسول صلى
الله عليه وسلم عندما رأى زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها علقت ستارة من قماش
فيها صور علماً أنه لا يتصور بتاتاً أنها أرادت تعظيم هذه الصور، ولكن لما كان في
هذا مشابهة للكفار والمشركين الذين يعلقون ويعظمون الصور فإن أهل الإسلام أمروا
بمخالفتهم حتى لا يكون هذا ذريعة إلى نشأة الشرك في أوساط المسلمين.
ج- وجوب إتلاف الصورة وخاصة إذا كانت معظمة محترمة كما جاء في حديث
أبي الهياج الأسدي الذي قال له علي بن أبي الطب ألا أبعثك على ما بعثني به رسول
الله صلى الله عليه وسلم، لا تدعن قبراً مشرفاً إلا سويته، ولا تمثالاً إلا طمسته.
(رواه مسلم)
وكذلك حديث عائشة أن رسول الله كان لا يدع في بيته شيئاً فيه تصاليب
إلا نقضه. (رواه البخاري)
5- المستثنى من الصور.
ومن الفوائد التي نستفيدها من الأحاديث كذلك الترخيص في أن تكون
الصور رقماً في ثوب غير معلق كما جاء [إلا رقماً في ثوب] أو لعبة مصورة يلعب بها
الأطفال كما جاء في حديث عائشة، ومن قال من العلماء إن هذا منسوخ لم يستطع أن يأتي
بدليل على النسخ ومعلوم أن النسخ لا يكون بالاحتمال.
6- لماذا كان التحريم ولماذا كان الاستثناء؟
والمتعمق في فقه الأحاديث والآيات يرى أن علة تحريم الصور ينحصر في
أمرين اثنين لا ثالث لهما :
الأمر الأول: هو الهجوم والتعدي على وصف خاص، وفعل خاص بالله تعالى،
وهذا عدوان على الله جل وعلا.
والعلة الثانية: أن الصور كانت وما زالت ذريعة لتعظيم غير الله
وتثبيت الشرك، وصرف الناس عن عبادة الله وتعظيمه إلى تعظيم الصور والتماثيل.
ولذلك فإنه عندما تنتفي هاتان العلتان فإن الصورة تكون حلالاً. ألا
ترى أن السيدة عائشة رضي الله عنها لما صنعت صورها وتماثيلها التي كان منها أحصنة
لها أجنحة لم يقل لها رسول الله إن هذا مضاهاة بخلق الله لأنه لا يتصور منها هذه
المضاهاة ولا يخطر ببالها مثل تلك النية، وكذلك لما كانت هذه الصور مجرد لعب يلعب
بها، ولم تكن صوراً معظمة مرفوعة انتفت العلة الثانية، وكذلك الحال في الصورة التي
تكون في ثوب يغسل ويلبس ويداس.
7- البيت الذي فيه صور لا تدخله الملائكة.
الفائدة السابعة المستخلصة من الأحاديث هي أن المنزل الذي تعلق فيه
الصور لا تدخله الملائكة والمقصود بالطبع ملائكة الرحمة، لأن الحفظة المكلفين
بكتابة أعمال بني آدم لا يفارقونه ويكتبون كل ما يفعله في كل أوقاته خيراً وشراً
كما قال تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} (ق:18)، وقال تعالى :
{ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما
عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً} (الكهف:49)، والكتاب في الآية هو سجل الحسنات
والسيئات ولكن ملائكة الرحمة الذين يزورون العبد المؤمن ويدعون له ويثبتونه،
ويجتمعون عند حلق الذكر والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم يمتنعون من دخول
دار فيها هذه المعصية الظاهرة وهي الصور المعلقة، وهذا حرمان من الخير كما يحرمه
العبد المؤمن باقتنائه كلباً للزينة، ولذلك قال جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم:
[إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة]. (رواه البخاري)
هذه باختصار شديد هي أهم الفوائد المستخلصة من الأحاديث السابقة.