داء الرياء
اعلم أخي المسلم .. أن الرياء مشتق من الرؤية , فالمرائي يرى الناس ليتقرب إليهم حياً في الدنيا وزينتها .
أما الرياء في الدين فهو أسوأ أنواع الرياء لأنه قد يؤدي إلى الشرك وإحباط العمل والعبادة التي يرائي بها العبد أمام العباد والله جل وعلا لا يقبل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم
قال تعالى : (قُلْ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إلَيَّ أَنَّمَا إلَهُكُمْ إلَهٌ واحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ولا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110) ) ( الكهف) .
وقال صلى الله عليه وسلم محذراً : " أن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء يقول الله يوم القيامة إذا جزي الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء " -أخرجه السيوطي وقال الألباني في الجامع صحيح ح/ 1555
مثال ذلك من يرى الناس ينظرون إليه وهو يصلي فيخشع ويطيل في صلاته في ركوعه وسجوده , وإن كان منفرداً صلى بلا خشوع أو طمأنينة .وكذلك في الصوم والحج وسائر العبادات .
وأقول لمن يفعل ذلك ويرائي الناس حذار من الرياء للناس, وتذكر هذا الحديث القدسي الذي أثار رعب العابدين .
- عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار .
ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار "- أخرجه مسلم في الأمارة ح/1905
الدواء النافع لداء الرياء :
أن من أنفع الأدوية للرياء هو إخلاص النية في الأقوال والأعمال , والإخلاص سر بين العبد وبين الله تعالى لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل ..
قال تعالى : (ومَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ..) ( البينة /5 )
. فأخلص نيتك يصلح الله سريرتك وعلانيتك ..
و قال بعض السلف : يخلص العمل ثلاثة أشياء :
أولها : أن يرى الإذن في العمل من الله تعالى , ليكسر به العجب .
والثاني : أن يبتدئ برضا الله ليكسر به الهوى .
والثالث : أن يبتغي ثواب العمل من الله تعالى , ليكسر الطمع والرياء , فهذه الأشياء تخلص الأعمال ) اهـ .
ومعنى قوله ( يرى الإذن في العمل من الله ) يعني أن الله تعالى هو الذي وفقه لذلك العمل فيشتغل بالشكر ولا يعجب بعمله .
ومعنى قوله : ( ويبدئ برضا الله تعالى ) يعني إن علم في هذا العمل رضا الله فعله وإن علم عكس ذلك فلا يعمل بهوى نفسه .
هذا ولا ينافي الإخلاص إظهار الأعمال وقولك إني صائم أو أصلي أو أفعل كذا وكذا إن كان ليقتدي بك غيرك أو لترغيب الناس في الخير والطاعة فليس ذلك من الرياء إن كانت نيتك لله تعالى والدعوة إلى دينه .
وكذلك من الأعمال ما لا يمكن أن يخفيها العبد كالحج والجهاد ولكن ليخلص النية لله تعالى حتى يقبلها ولا يجعل للشيطان فيها حظاً ولا نصيباً .