وهذا ما أوصانا به النبي صلى الله عليه وسلم قال ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ’ احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ’ وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ’ ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان )( أخرجه مسلم ( 4/ قدر /2052 /ح 34 )
[right]نعم المسلم القوي لا يوهن ولا يكل ’ وإنما هو قوياً في توكله وإخلاصه ..قوياً في عزيمته وإيمانه ’ وليتذكر دائماً أن الله تعالى هو أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين يعطي من يشاء ويمن عليه بنعمته وكرمه ويمنع عمن يشاء برحمته وعلمه وما علينا نحن عباده إلا التسليم والرضا بقضائه لأننا لا ندري في أيهما الخير في العطاء أم المنع ؟! ولذلك يقول الله تعالى : { عَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُم } ( البقرة 216 ).
الدواء الثالث :- الصبر الجميل والرضا بقضاء الله تعالى :
[right]
. إذا ما أيقن المؤمن إنه لا راد لقضاء الله ولا معقب لحكمه ’ وان الله يبتليه ليختبر إيمانه وصبره كما قال تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ ا لْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ }( محمد 31 ) ما كان له أن يجزع ويخاف ويثقل على قلبه بالهموم والغموم ’ ويفتح باباً للشيطان ليزين له الأمر ويضله عن سبيل الله ’ وربما وسوس له قائلاً على لسانه .. لماذا أنا من دون الناس تتنزل على هذه المصائب ؟! لماذا أنا من دون خلق الله تعالى أصاب بهذا المرض أو ذاك ؟! ’ ويجاوب الشيطان على لسانه .. لا ريب أن الله لا يحبني ولا يريد لي الخير !!
أخي المؤمن .. انتبه جيداً
واعلم أن أكثر الناس بلاء الأنبياء فالصالحون فالأمثل فالأمثال .تذكر أن البلاء شعار الصالحين ’ وعلى قدر إيمان العبد يكون بلائه فأن كان إيمانه قوياً كان البلاء كذلك . حتى قيل : إذا سلك بك سبيل البلاء فقر عيناً فإنه يسلك بك سبيل الأنبياء والصالحين ’ وإذا سلك بك سبيل الرخاء فأبك على نفسك فقد خولف بك عن سبيلهم . وإليك صور من الابتلاات التي لا ينفك عنها المسلم في دنياه ’ أو الداء ومعه الدواء الشافي إن شاء الله تعالى الذي ينبع كله من كلمة الصبر وهى مفتاح من مفاتيح الجنة وخير ما يكتسبه العبد في دنياه ’ وفي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم : ( ما أعطى عطاء خيراً وأوسع من الصبر ) ( جزء من حديث أخرجه البخاري عن أبي سعيد ( 11/ح 6470/ فتح )
[right]وتذكر أن دوام الحال من المحال ’ وهاهو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هاجروا من مكة إلى المدينة تاركين الأهل والمال والعشيرة والديار ’ وظلوا على إيمانهم وجهادهم مؤمنين بنصر الله وأن مع العسر يسر وأن الفرج قريب حتى قضى الله أمراً كان مفعولا ’ ودخل النبي إلى مكة ومعه 10 آلاف مقاتل من المسلمين وحطم الأصنام وهو يقول قول الحق جلا وعلا : { وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا }( الإسراء 81 )وصعد بلال إلى الكعبة فأذن وصدع بكلمة التوحيد ودخل الناس في دين الله أفواجا . وعاد أصحابه إلى الأهل والعشيرة والديار بالصبر والإيمان فدوام الحال من المحال .واعلم أنه لابد للمرء أن يمر بثمانية أشياء كما قال أهل العلم : عسر ويسر ’ حزن وفرح ’ لقاء وفراق ’ سقم وعافية ’ تلك هي سنة الله في خلقة . فالتزم بأوامر الله وسنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم لا تحيد عنهما ولا تتبع الهوى ’ ولا يغرك بالله الغرور وما أجمل قول الشاعر
[right]إن لله عباداً فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجةً واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا
[right]وختاماً .. هذه هي الأدوية الخمسة أو ( الروشته الإسلامية ) وفيها الداء والدواء وما عليك أخي المؤمن إلا الإخلاص والاحتراز من أعدائك الأربعة ( النفس والدنيا والهوى والشيطان ) واسأل الله تعالى أن ينفعنا بها وسائر المسلمين وأن يحسن خواتيم أعمالنا في الدنيا والآخرة إنه نعم المولى ونعم النصير والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .