جمال عبدالناصر حسين (15 يناير 1918 ـ 28 سبتمبر 1970)
قائد ثورة 23 يوليه 1952، رئيس جمهورية مصر العربية الراحل. |
|
ولد في
15 يناير 1918، في حي باكوس في الإسكندرية، لأسرة تنتمي إلى قرية (بني
مر) في محافظة أسيوط، كان والده عبدالناصر حسين يعمل، معاوناً في مصلحة
البريد. نشأ جمال وتعلم في الإسكندرية والقاهرة، وتنقل مع والده في
مختلف المدن، التي كانت مقراً لوظيفته في مصلحة البريد، وبها تلقى
تعليمه الابتدائي. أمّا تعليمه الثانوي، فتلقاه في مدرسة حلوان
الثانوية، ثم في مدرسة رأس التين، ثم في مدرسة النهضة المصرية في
القاهرة، التي حصل منها على شهادة الثقافة سنة 1934، والثانوية سنة
1936. اشترك في مظاهرات الطلبة عام 1935، عندما كان طالباً في مدرسة
النهضة المصرية الثانوية في الظاهر (القاهرة). وأُصيب في تلك
المظاهرات، التي كانت تنادي باستقلال مصر.
كان
جمال عبدالناصر يهفو إلى الالتحاق بالكلية الحربية، فتقدم للالتحاق
بها، إلا أنه لم يوفق. فالتحق بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول، ومكث
بها شهور قليلة، وعندما أعلنت الكلية الحربية عن حاجتها إلى دفعة
استثنائية جديدة من الطلبة للالتحاق بها، تقدم بأوراقه مرة أخرى وتم
قبوله مع أربعين طالباً في 17 مارس 1937، وكان في التاسعة عشر من عمره.
وتخرج في الكلية الحربية في يوليه 1938 برتبة الملازم ثانٍ، حيث خدم في
منقباد بجنوب مصر. وفي ديسمبر عام 1939 نُقل إلى السودان، ورقي لرتبة
الملازم أول في مايو 1940، وظل بالسودان حتى عام 1941. ثم عمل بعد ذلك
في الصحراء الغربية (في العلمين)، ورقي إلى رتبة اليوزباشي (النقيب) في
سبتمبر 1942، وأسند إليه منصب أركان حرب الكتيبة. ثم انتدب عام 1943
للتدريس بالكلية الحربية. وفي عام 1946، التحق بكلية أركان حرب، وتخرج
فيها في 12 مايو 1948، ورقي لرتبة الصاغ (رائد)، ثم عُين مدرساً في
مدرسة الشؤون الإدارية، عام 1949، وفي عام 1951، رقي لرتبة البكباشي
(المقدم)، وعمل مدرساً بكلية أركان حرب، وظل بها إلى أن قام مع مجموعة
من الضباط الأحرار بثورة 23 يوليه 1952م.
اشترك
جمال عبدالناصر في حرب فلسطين عام 1948، شارك في معارك أسدود ونجبا،
وقام بدور مهم أثناء حصار الفالوجا. وكان لجمال عبدالناصر قبل حرب
فلسطين نشاط سري كبير. فقد انضم إلى الجهاز السري العسكري للإخوان
المسلمين عام 1949، مع مجموعة من ضباط الجيش كان على رأسهم في ذلك
الوقت، النقيب عبدالمنعم عبدالرؤوف، والملازمون الأول كمال الدين حسين،
وسعد حسن توفيق، وخالد محي الدين، وحسين محمد أحمد حمودة، وصلاح الدين
خليفة، ومجدي حسنين، وأحمد مظهر، وحسين الشافعي. وكان أنور السادات على
صلة شخصية بحسن البنا. ولكن جمال عبدالناصر ورفاقه الآخرين لم يجدوا في
حركة الإخوان المسلمين ما يرضي نزعاتهم الوطنية الإيجابية أو أهدافهم
الوطنية في تحقيق الجلاء واستقلال مصر.
عقب
هزيمة حرب فلسطين عام 1948، كان جمال عبدالناصر وكمال الدين حسين قد
تركا الإخوان المسلمين مع عدد كبير من الضباط. وكانت طبيعة الأمور تفرض
على الضباط أن يجتمعوا ويتبادلوا الرأي في وحداتهم وأسلحتهم. وكان
هؤلاء الضباط يمثلون نواة خرجت من حرب فلسطين وهي غير مرتبطة بتنظيم
موحد. وكان ذلك دافعاً لهم على البحث عن أرض مشتركة للقاء. وقد أدى
البكباشي (المقدم) جمال عبدالناصر دوراً رئيساً بارزاً في تجميع
الضباط، من مختلف الاتجاهات السياسية، بطريقة محدودة قبل حرب فلسطين
عام 1948، ثم توسع في هذا النشاط خلال عام 1949. وبذلك نبت التفكير في
تكوين تنظيم من الضباط المهتمين بأمور الوطن والسياسة. وأُطلق على هذا
التنظيم اسم "الضباط الأحرار"، وعُقد الاجتماع الأول للخلية الأولى
لهذا التنظيم في منزل جمال عبدالناصر، بكوبري القبة في شهر يوليه عام
1949. وحضره عبدالمنعم عبدالرؤوف، وكمال الدين حسين، وحسن إبراهيم،
وخالد محي الدين. وافتتح جمال عبدالناصر الاجتماع قائلاً: "أنا معايا
عبدالحكيم عامر، وأنتم طبعاً عارفينه لكنه لم يستطيع الحضور اليوم".
ومن ذلك اليوم بدأ تنظيم الضباط الأحرار، الذي أخذ في التوسع حتى انتشر
في كل وحدات الجيش المصري، وسلاح الطيران (القوات الجوية).
وفي
يناير 1950 أجريت انتخابات رئاسة الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار،
وانتخب جمال عبدالناصر رئيساً لها بالإجماع.
وفي
أوائل عام 1951، اتسع التنظيم بصورة غير متوقعة، الأمر الذي دفع جمال
عبدالناصر إلى المطالبة بتوسيع "لجنة القيادة أو اللجنة التأسيسية".
فضُم إليها ضباط جدد، وأصبحت "لجنة القيادة" مكونة من: جمال عبدالناصر،
وعبدالحكيم عامر، وحسن إبراهيم، وعبدالمنعم عبدالرؤوف، و
صلاح سالم، وعبداللطيف البغدادي، وكمال الدين حسين،
وخالد محي الدين. وقبل قيام الثورة استُبعد البكباشي عبدالمنعم
عبدالرؤوف من "لجنة القيادة"، لإصراره على التحاق التنظيم بجماعة
الإخوان المسلمين. كما طلب عبدالناصر ضم أنور السادات للحركة وللجنة
القيادة. وبذلك دخل أنور السادات عضواً في اللجنة التأسيسية. ثم انتُخب
جمال عبدالناصر في اقتراع سري، لرئاسة اللجنة. وأصبحت اللجنة تُمثل
القيادة العليا للتنظيم، وطُبق عليها مبدأ القيادة والجماعة.
انضم
اللواء محمد نجيب لتنظيم الضباط الأحرار، ولكنه لم يحضر اجتماعات
التنظيم أثناء تكوينه، لأنه كان مراقباً من سلطات الأمن باعتباره رتبة
عسكرية عالية (رتبة كبيرة)، وشخصية محبوبة من الضباط. يقول محمد نجيب
في مذكراته: "وبعد لقاءات عديدة، اتفقنا على الخطوط العريضة .. ودعاني
عبدالناصر إلى تنظيم الضباط الأحرار .. وهو تنظيم سري كان هو مؤسسه
ورئيسه .. ووافقت على ذلك". وأصبح لتنظيم الضباط الأحرار نشاطٌ كبيرٌ
داخل الجيش، إذ استطاع أن يتصدى للملك فاروق في انتخابات نادي الضباط
في يناير 1952، وأن يفرض اللواء محمد نجيب ليفوز بمنصب رئيس النادي.
كما دخل المجلس مجموعة كبيرة من الضباط الأحرار.
وفي 26
يناير 1952، حدثت مأساة حريق القاهرة، ولم تتخذ السلطات المصرية أي
إجراء، النحاس رئيس الوزراء لزم داره في جاردن سيتي، وظل فاروق في قصر
عابدين. ولم تصدر الأوامر للجيش بالنزول إلا في العصر، بعد أن دمرت
النار 400 مبنى أنزلت بها خسائر فادحة، وتركت 12 ألف شخص بلا مأوى، وقد
بلغت الخسائر 23 مليون جنيه
.
وفي
ليلة 23 يوليه 1952 نجح تنظيم الضباط الأحرار بقيادة اللواء محمد نجيب،
والعقل المفكر للتنظيم، البكباشي جمال عبدالناصر من القيام بحركة
انقلابية أُطلق عليها "حركة الجيش"، ثم "الحركة المباركة"، ثم "ثورة".
واستطاعت هذه الحركة أن تفرض سيطرتها على الأوضاع في مصر، وتملي شروطها
على الملك فاروق. وقد تمثلت مطالبها في تشكيل وزارة برئاسة علي ماهر،
وطرد أفراد الحاشية الملكية الفاسدة. ووافق الملك فاروق على طلبات
الثوار. ثم طلبت حركة الجيش، ممثلة في اللواء محمد نجيب، أن يتنازل
الملك عن العرش لأبنه الأمير أحمد فؤاد، ويرحل عن البلاد في تمام
الساعة السادسة من يوم 26 يوليه 1952. ووافق الملك تحت الضغط والتهديد،
ورحل عن مصر.
بدأ
الصراع الخفي بين جمال عبدالناصر، العقل المفكر والمحرك لتنظيم الضباط
الأحرار، وقائد الحركة الرسمي أمام العالم والجماهير، اللواء محمد
نجيب. ونظراً للأدوار الكبيرة التي قام بها بعض ضباط الحركة ليلة 23
يوليه 1952، أُعيد تشكيل لجنة القيادة، التي أُطلق عليها "مجلس قيادة
الثورة". فدخل إليها رسمياً اللواء محمد نجيب رئيساً لمجلس القيادة،
والبكباشي يوسف منصور صديق، والبكباشي عبدالمنعم أمين وآخرين. وأصبح
تشكيلها على الوجهة التالي: لواء أركان حرب محمد نجيب، وبكباشي أركان
حرب جمال عبدالناصر حسين، وبكباشي محمد أنور السادات، وبكباشي أركان
حرب زكريا محي الدين، وبكباشي أركان حرب حسين محمود الشافعي، وبكباشي
قائد الجناح
جمال
سالم، وبكباشي قائد الجناح عبداللطيف محمود البغدادي، وصاغ قائد
أسراب حسن إبراهيم، وصاغ أركان حرب كمال الدين حسين، وصاغ خالد محي
الدين، وصاغ أركان حرب صلاح الدين مصطفى سالم، وصاغ أركان حرب محمد
عبدالحكيم عامر، وبكباشي يوسف منصور، وبكباشي عبدالمنعم أمين.
وفي 18
يونيه 1953، أعلن مجلس قيادة الثورة قيام الجمهورية، وأصبح النظام
جمهورياً. وتولى محمد نجيب رئاسة الجمهورية، ليصبح أول رئيسٍ لها، مع
احتفاظه بمنصب رئيس الوزراء وتخليه عن منصب وزير الحربية والقائد العام
للقوات المسلحة، وعين عبداللطيف البغدادي وزيراً للحربية وعبدالحكيم
عامر قائداً عاماً للقوات المسلحة، وعين جمال عبدالناصر نائباً لرئيس
الوزراء ووزيراً للداخلية.
وفي 25
فبراير 1954 قدم محمد نجيب استقالته، وقبلها مجلس قيادة الثورة، على أن
يستمر مجلس قيادة الثورة في تولى سلطاته بقيادة جمال عبدالناصر، كما
يتولى جمال عبدالناصر رئاسة مجلس الوزراء. إلاّ أن جماهير الشعب المصري
رفضت الاستقالة. فأعلن مجلس قيادة الثورة إعادة محمد نجيب مرة أخرى
رئيساً للجمهورية، وتعين خالد محي الدين رئيساً للوزراء، وعودة رجال
الثورة إلى ثكناتهم (وحداتهم العسكرية) في 27 فبراير 1954.
وفي 8
مارس 1954 قرر مجلس قيادة الثورة تعيين اللواء محمد نجيب رئيساً لمجلس
قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء بعد أن تنحى جمال عبدالناصر عن
رئاسة الوزارة، وأصبح نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة ونائباً لرئيس
مجلس الوزراء، وتخلى عن وزارة الداخلية.
وفي 17
أبريل 1954، تخلى محمد نجيب عن رئاسة الوزارة، واقتصر على رئاسة
الجمهورية ومجلس قيادة الثورة، وقرر مجلس قيادة الثورة في نفس اليوم
قبول هذا التخلي وتكليف البكباشي جمال عبدالناصر بتأليف الوزارة
برئاسته وأصبح جمال عبدالناصر رئيساً للوزراء للمرة الثانية.
وفي 26
أكتوبر 1954 تعرض جمال عبدالناصر لمحاولة اغتيال في ميدان التحرير في
الإسكندرية، أثناء إلقاء خطابه بمناسبة "اتفاق الجلاء".
وفي 14
نوفمبر 1954، قرر مجلس قيادة الثورة إعفاء اللواء محمد نجيب من جميع
مناصبه، كما قرر أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً، وأن يستمر مجلس
قيادة الثورة في تولى كافة سلطاته بقيادة جمال عبدالناصر.
رأس
جمال عبدالناصر الجانب المصري في مباحثات الجلاء الأولى والثانية، وفي
27 يوليه 1954، وَقَّعَ جمال عبدالناصر الاتفاقية الأولى للجلاء
بالأحرف الأولى. وقد تضمنت المبادئ الرئيسية للاتفاق النهائي المقترح
إعداده لتنظيم الجلاء، ووقعها عن الجانب البريطاني المستر أنتوني هيد
وزير الحربية البريطاني. وفي 19 أكتوبر سنة 1954، عُقد الاتفاق النهائي
التفصيلي المتضمن تنظيم عملية الجلاء، ووقعه عن مصر جمال عبدالناصر،
رئيس الوزراء، وعبد الحكيم عامر وعبداللطيف البغدادي و
صلاح
سالم ومحمود فوزي؛ ووقعه عن الحكومة البريطانية أنتوني ناتنج وزير
الدولة في وزارة الخارجية البريطانية، ورالف ستيفنسون السفير
البريطاني، وميجور جنرال بنسون
Benson، كبير المفاوضين العسكريين
البريطانيين.
ورأس
جمال عبدالناصر الوفد المصري إلى مؤتمر باندونج في إندونيسيا المنعقد
خلال الفترة (18 ـ 24) أبريل 1955، حيث نادى بحقوق الشعوب في الحرية
والاستقلال. وكانت هذه أول مرة بعد الثورة يرتفع فيها صوت مصر في مؤتمر
رسمي، متحررة متحدية الاستعمار.
اتجه
جمال عبدالناصر إلى إبرام معاهدات ثنائية مع الدول العربية. فعقد
معاهدة مع سورية في 20 أكتوبر 1955، ومع المملكة العربية السعودية في
27 أكتوبر 1955، ومعاهدة ثلاثية بين مصر والسعودية واليمن في أبريل
1956، وكان يهدف من وراء ذلك إلى إقامة "ضمان عربي جماعي جديد". يحل
محل الضمان الجماعي في إطار الجامعة العربية الذي تجمد، بسبب انضمام
العراق إلى حلف بغداد عام 1955.
وفي 16
يناير 1956، وضعت حكومة الثورة دستوراً جديداً أعلنه جمال عبدالناصر في
ذلك اليوم في مؤتمر شعبي كبير في ميدان الجمهورية في عابدين. وقد حدد
الدستور يوم السبت 23 يونيه 1956، موعداً لاستفتاء الشعب على الدستور
وعلى رئاسة الجمهورية. وقد أسفر الاستفتاء، عن شبة إجماع من الشعب على
الدستور، وانتخاب جمال عبدالناصر رئيساً للجمهورية. وبذلك أصبح أول
رئيس للجمهورية عن طريق الانتخاب، وبذلك انتهى عمل مجلس قيادة
الثورة.
وفي 29
يونيه 1956، ألف جمال عبدالناصر وزارته الثالثة التي استمرت حتى 6 مارس
1958.
وفي
مؤتمر بريوني في يوغسلافيا، المنعقد خلال الفترة (18 ـ 19 يوليه 1956)،
أسس الرئيس جمال عبدالناصر مع الرئيس جوزيف بروز تيتو Josip Broz Tito، رئيس جمهورية
يوغسلافيا، والبانديت جواهرلال نهرو Jawaharlal
Nehru، رئيس وزراء الهند، سياسة الحياد الإيجابية
وعدم الانحياز. وجاءت قرارات الأقطاب الثلاثة امتداداً لقرارات مؤتمر
باندونج.
وفي 26
يوليه 1956، أعلن الرئيس جمال عبدالناصر، القرار الجمهوري بالقانون رقم
285 لسنة 1956 القاضي بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية
(شركة مساهمة مصرية)، وانتقال جميع ما لها من أموال وحقوق، وما عليها
من التزامات، إلى مصر.
وبسبب
هذا التأميم وقع العدوان الثلاثي على مصر، بالهجوم الإسرائيلي في مساء
يوم الاثنين 29 أكتوبر 1956 على الكونتلة ورأس النقب. ولم يكد يبدأ
الهجوم الإسرائيلي حتى وجهت بريطانيا وفرنسا إلى مصر وإسرائيل إنذاراً
في الساعة السادسة والنصف من يوم الثلاثاء 30 أكتوبر. وتبين بذلك
التواطؤ الثلاثي بين الدول الثلاث بريطانيا وفرنسا وإسرائيل. وتصدت مصر
بقيادة جمال عبدالناصر لهذا العدوان، حتى تم انسحاب القوات الأنجلو ـ
فرنسية عن مصر في 22 ديسمبر 1956، والقوات الإسرائيلية في 7 مارس
1957.
وفي
يوليه 1957، أُنشئ أول مجلس نيابي بعد الثورة تحت اسم مجلس
الأمة.
وفي 22
فبراير 1958، أعلنت الوحدة بين مصر وسورية تحت اسم الجمهورية العربية
المتحدة، وانتُخب الرئيس جمال عبدالناصر رئيساً لها، حتى وقع الانفصال
في 28 سبتمبر 1961. وقد رأس جمال عبدالناصر أربعة وزارات خلال فترة
الوحدة، الوزارة الأولى (من 6 مارس 1958 إلى 7 أكتوبر 1958)، والوزارة
الثانية (من 7 أكتوبر 1958 إلى 20 سبتمبر 1960)، والوزارة الثالثة (من
20 سبتمبر 1960 إلى 16 أغسطس 1961)، والوزارة الرابعة (من 16 أغسطس إلى
10 أكتوبر 1961).
وفي 26
يوليه 1961، أعلن الرئيس جمال عبدالناصر القرارات الاشتراكية (قرارات
يوليه الاشتراكية)، التي خفضت الحد الأعلى للملكية الزراعية إلى مائة
فدان للأسرة، وخمسين فداناً للفرد، وأممت المؤسسات الكبيرة، ومصِّرت
البنوك، إكمالاً لعملية التأميم والتمصير، التي سارت بسرعة منذ فشل
العدوان الثلاثي 1956. وتحللت مصر من كل اتفاقياتها السابقة مع
بريطانيا وفرنسا خاصة، كما حُددت ملكية الأسهم. وأصبح للعمال والفلاحين
نصف المقاعد في المجالس المنتخبة على الأقل، كما أصبحوا أعضاء في مجالس
إدارات الشركات.
وفي 18
أكتوبر 1961 بعد الانفصال شكل جمال عبدالناصر وزارته الثامنة، التي
استمرت حتى 27 سبتمبر 1962
وفي 27
سبتمبر 1962 تولى جمال عبدالناصر رئاسة مجلس الرئاسة الذي شكل من
الرئيس جمال عبدالناصر رئيس الجمهورية وإحدى عشر عضواً.
وفي
مايو 1962، صدر الميثاق الوطني الذي أقرّه المؤتمر الوطني لقوى الشعب
العاملة، وفيه التزام بالخط الثوري الذي يقوم على الاشتراكية العلمية
والقومية العربية. وفي هذا المؤتمر أُعلن نظام الاتحاد الاشتراكي
العربي، ليحل محل الاتحاد القومي عام 1957، وهيئة التحرير عام
1952.
ساند
عبدالناصر كل حركات التحرير في العالم العربي، فقد ساند ثورة الجزائر
(1954 ـ 1962)، ضد الاستعمار الفرنسي بالعتاد، كما ساند بالعتاد
والرجال ثورة اليمن على حكم الإمامة عام 1962. وفي المجال الأفريقي،
شارك الرئيس عبدالناصر في مؤتمر أديس أبابا عام 1963، حيث وُضع ميثاق
منظمة الوحدة الأفريقية. وزار كثيراً من الدول، ووقع اتفاقيات اقتصادية
وثقافية مع كثير منها. وشارك بشكل بارز في دورة الأمم المتحدة الخامسة
عشرة عام 1960. وفي 17 أبريل 1963، وقع عبدالناصر ميثاق الوحدة بين
العراق وسورية ومصر.
وعندما
تحرشت إسرائيل بسورية في مايو 1967، أعلن جمال عبدالناصر حالة التعبئة
في القوات المسلحة المصرية يوم 14 مايو 1967، وأخذت الأحداث تتصاعد حتى
صدور قرار إغلاق مضايق تيران في وجه الملاحة الإسرائيلية، فاندلعت
الحرب في 5 يونيه 1967، التي شنتها إسرائيل ضد مصر وسورية والأردن،
وانتهت بهزيمة الدول الثلاث، واحتلال سيناء والجولان والضفة الغربية
والقدس الشرقية. وفي 9 يونيه 1967، قرر الرئيس جمال عبدالناصر التنحي
عن جميع مناصبه، وأعلن مسؤوليته عن الهزيمة، وقدم استقالته على أثر ما
عُرف بالنكسة، فرفضتها جماهير الشعب في مصر والوطن العربي، في يومي 9
و10 يونيه 1967، وصممت على بقائه في الحكم.
وفي
يونيه 1967 شكل جمال عبدالناصر وزارته التاسعة، والتي استمرت حتى 20
مارس 1968. وفي 20 مارس 1968، أعلن عن تشكيل وزارته العاشرة، التي
استمرت حتى وفاته.
وخلال
الوزارة التاسعة والعاشرة للرئيس جمال عبدالناصر بدأ في إعادة بناء
القوات المسلحة بعد هزيمة يونيه، وبدأ جمال عبدالناصر في حرب استنزاف
مع إسرائيل من عام 1968م. وبناء شبكة صواريخ الدفاع الجوي، خلال النصف
الأول من عام 1970.
وفي
سبتمبر عام 1970، استضاف جمال عبدالناصر مؤتمر القمة العربي في
القاهرة، لإنهاء القتال بين الأردن وحركة المقاومة الفلسطينية فيما
سُمي (مجازر أيلول الأسود عام 1970) في عمّان.
وفي 28
سبتمبر 1970، توفي الرئيس جمال عبدالناصر، عقب وداعه لأمير الكويت في
مطار القاهرة بعد حضوره مؤتمر القمة، على إثر أزمة قلبية.
وكان
جمال عبدالناصر قد أصدر كتاب فلسفة الثورة عام 1954. وهو يضم أهم
المبادئ التي انطلقت منها أفكاره السياسية، ثم الميثاق الوطني في 21
مايو 1962، وبيان 30 مارس 1968، اللذين تبلورت فيهما تجارب جمال
عبدالناصر.