الشيخ سيد Ù…Ø¨Ø§Ø صاحب الموقع
عدد الرسائل : 2210 العمر : 63 العمل/الترفيه : كاتب اسلامى تاريخ التسجيل : 07/12/2008
| موضوع: مفسدات القلب الخمسة لابن القيم فبراير 23rd 2012, 6:51 pm | |
| قال ابن القيم رحمه الله تعالى : وأما مفسدات القلب الخمسة ،
فهي التي أشار إليها من كثرة الخلطة ، والتمني ، والتعلق بغير الله ، والشبع ، والمنام . فهذه الخمسة من أكبر مفسدات القلب . المفســــــدالأول / كثرة المخالطة : فأما ما تؤثره كثرة الخلطة : فامتلاء القلب مندخان أنفاس بني آدم حتى يسود ويوجب له تشتتاً وتفرقاً وهماً وغماً وضعفاً وحملاًلما يعجز عن حمله من مؤنة قرناء السوء وإضاعة مصالحه والاشتغال عنها بهم وبأمورهموتقسيم فكره في أودية مطالبهم وإرادتهم فماذا يبقى منه لله والدار الآخرة ؟هذا وكم جلبت خلطةالناس من نقمة ودفعت من نعمة وأنزلت من منحة وعطلت من منحة وأحلت من رزية وأوقعتفي بلية وهل آفة الناس إلا الناس ؟وهل كان على أبيطالب عند الوفاة أضر من قرناء السوء لم يزالوا به حتى حالوا بينه وبين كلمة واحدةتوجب له سعادة الأبد وهذه الخلطة التي تكون على نوع مودة في الدنيا وقضاء وطربعضهم من بعض تنقلب إذا حقت الحقائق عداوة ويعض المخلط عليها يديه ندما كما قالتعالى : ( ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً ، ياويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلاً ، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطانللإنسان خذولاً ) الفرقان [ 27-29 ] ، وقال تعالى : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعضعدو إلا المتقين ) [الزخرف : 67 ] ، وقال خليله إبراهيم لقومه : ( إنما اتخذتم مندون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار ومالكم من ناصرين ) [ العنكبوت : 25] .وهذا شأن كل مشتركين في غرض يتوادون ما داموا متساعدين على حصوله فإذا انقطع ذلكالغرض أعقب ندامة وحزنا وألما وانقلبت تلك المودة بغضاً ولعنةً وذماً من بعضهملبعض . والضابط النافع في أمر الخلطة : أن يخالط الناسفي الخير كالجمعة والجماعة ، والأعياد والحج وتعلم العلم والجهاد والنصيحة ،ويعتزلهم في الشر وفضول المباحات .فإذا دعت الحاجةإلى خلطتهم في الشر ولم يمكنه اعتزالهم : فالحذر الحذر أن يوافقَهم ، وليصبر على أذاهم ،فإنهم لا بد أن يؤذوه إن لم يكن له قوة ولا ناصر . ولكن أذى يعقبُه عزٌّ ومحبة لهوتعظيم ، وثناء عليه منهم ومن المؤمنين ، ومن رب العالمين ، وموافقتهم يعقبهاذُلُّ وبُغْضٌ له ، ومقتٌ وذمٌّ منهم ، ومن المؤمنين ومن رب العالمين . فالصبر علىأذاهم خير وأحسن عاقبة وأحمد مآلاً . وإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحاتفليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة لله إن أمكنه . المفسد الثاني من مفسدات القلب / ركوبه بحرالتمني : وهو بحرٌ لا ساحل له . وهو البحر الذي يركبهمفاليس العالم ، كما قيل : إن المنى رأس أموال المفاليس . فلا تزال أمواج الأمانيالكاذبة ، والخيالات الباطلة ، تتلاعب براكبه كما تتلاعب الكلاب بالجيفة ، وهيبضاعة كل نفس مهينة خسيسة سفلية . ليست لها همّة تنال بها الحقائق الخارجية . بلاعتاضت عنها بالأمانيّ الذهبية . وكلٌّ بحسب حاله : من متمن للقدرة والسلطان ،وللضرب فى الأرض والتطواف في البلدان ، أو للأموال والأثمان ، أو للنسوان والمردان، فيمثل المتمني صورة مطلوبة في نفسه وقد فاز بوصولها ، والتَذَّ بالظفر بها ،فبينا هو على هذه الحال ، إذا استيقظ ، فإذا يده والحصير !!وصاحب الهمة العليةأمانيه حائمة حول العلم والإيمان ، والعمل الذي يقربه إلى الله ، ويدنيه من جواره.فأماني هذا إيمانونور وحكمة وأماني أولئك خِدَعٌ وغرور .وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم متمنيَالخير ، وربما جعل أجره في بعض الأشياءكأجر فاعله . كالقائل : لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان الذي يتقي في ماله ربه ويصلفيه رحمه ويخرج منه حقه وقال : هما في الأجر سواء وتمنى صلى الله عليه وسلم في حجةالوداع : أنه لو كان تمتع وحل ولم يسق الهدي وكان قد قرن فأعطاه الله ثواب القرانبفعله وثواب التمتع الذي تمناه بأمنيته فجمع له بين الأجرين .المفسد الثالثمن مفسدات القلب/التعلق بغير الله تبارك وتعالى :
وهذا أعظم مفسداته على الإطلاق . فليس عليه أضر من ذلك ولا أقطع له عن مصالحهوسعادته منه فإنه إذا تعلق بغير الله وكَلَه الله إلى ما تعلّق به ، وخذله من جهةما تعلق به ، وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل ، بتعلقه بغيره والتفاته إلى سواه. فلا على نصيبه من الله حصل ، ولا إلى ما أمَّله ممن تعلَّق به وصل . قال اللهتعالى : " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً ،كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونوا عليهم ضداً " [ مريم : 81-82 ] ، وقال تعالى : " واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون ، لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون " [ يس : 74-75] . فأعظم الناس خذلاناً من تعلق بغير الله . فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه ، أعظم مما حصل له ممن تعلّق به . وهو مُعَرَّض للزوال والفوات . ومثل المتعلق بغير الله : كمثل المستظلِّ من الحرِّ والبرد ببيتِ العنكبوت ، أوهن البيوت .
وبالجملة : فأساس الشرك وقاعدته التي بنى عليها : التعلق بغير الله . ولصاحبه الذمُّ والخذلان ، كما قال تعالى : " لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموماً مخذولاً "[ الإسراء : 22] ، مذموماً : لا حامد لك ، مخذولاً : لا ناصر لك . إذ قد يكون بعض الناس مقهوراً محموداً كالذي قُهِرَ بباطل ، وقد يكون مذموماً منصوراً كالذي قهر وتسلط بباطل ، وقد يكون محموداً منصوراً كالذي تمكَّن وملك بحق . والمشرك المتعلق بغير الله قِسمُه أردأ الأقسام الأربعة ، لا محمود ولا منصور .
المفسد الرابع من مفسدات القلب / الطعام :
والمفسد له من ذلك نوعان : أحدهما ما يفسده لعينه وذاته كالمحرمات وهي نوعان : الأول : محرمات لحق الله كالميتة والدم ولحم الخنزير وذي الناب من السباع والمخلب من الطير . ومحرمات لحق العباد كالمسروق والمغصوب والمنهوب وما أخذ بغير رضى صاحبه إما قهراً وإما حياءً وتذمماً . والثاني : ما يفسده بقدره وتعدي حده ، كالإسراف في الحلال
والشبع المفرط ، فإنه يثقله عن الطاعات ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة ومحاولتها حتىيظفر بها فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرفها ووقاية ضررها والتأذى بثقلها وقوى عليهمواد الشهوة وطرق مجاري الشيطان ووسعها فإنه يجرى من ابن آدم مجرى الدم فالصوميضيق مجاريه ويسد عليه طرقها والشبع يطرقها ويوسعها ومن أكل كثيرا شرب كثيرا فنامكثيرا فخسر كثيرا وفي الحديث المشهور : ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدملقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ويحكىأن إبليس لعنه الله عرض ليحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام فقال له يحيى : هلنلت مني شيئا قط قال : لا إلا أنه قدم إليك الطعام ليلة فشهيته إليك حتى شبعت منهفنمت عن وردك فقال يحيى : الله علي أن لا أشبع من طعام أبدا فقال إبليس : وأنا للهعلي أن لا أنصح آدمي أبدا المفسد الخامسمن مفسدات القلب / النوم :فصل المفسد الخامسكثرة النوم فإنه يميت القلب ويثقل البدن ويضيع الوقت ويورث كثرة الغفلة والكسلومنه المكروه جدا ومنه الضار غير النافع للبدن وأنفع النوم : ما كان عند شدةالحاجة إليه ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخره ونوم وسط النهار أنفع من طرفيهوكلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه وكثر ضرره ولا سيما نوم العصر والنوم أولالنهار إلا لسهران ومن المكروه عندهم : النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس فإنه وقتغنيمة وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوابالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس فإنه أول النهار ومفتاحه ووقت نزولالأرزاق وحصول القسم وحلول البركة ومنه ينشأ النهار وينسحب حكم جميعه على حكم تلكالحصة فينبغى أن يكون نومها كنوم المضطر وبالجملة فأعدل النوم وأنفعه : نوم نصفالليل الأول وسدسه الأخير وهو مقدار ثمان ساعات وهذا أعدل النوم عند الأطباء ومازاد عليه أو نقص منه أثر عندهم في الطبيعة انحرافا بحسبه ومن النوم الذي لاينفع أيضا : النوم أول الليل عقيب غروب الشمس حتى تذهب فحمة العشاء وكان رسول اللهصلى الله عليه وسلم يكرهه فهو مكروه شرعا وطبعا وكما أن كثرة النوم مورثة لهذهالآفات فمدافعته وهجره مورث لآفات أخرى عظام : من سوء المزاج ويبسه وانحراف النفسوجفاف الرطوبات المعينة على الفهم والعمل ويورث أمراضا متلفة لا ينتفع صاحبهابقلبه ولا بدنه معها وما قام الوجود إلا بالعدل فمن اعتصم به فقد أخذ بحظه منمجامع الخير والله المستعان | |
|