حكم
الوساوس التي ترد على الإنسان
السؤال:
الوساوس التي ترد على الإنسان سواء كان في الصلاة أو في غيرها، أو كانت في الأمور
العقدية أو غير ذلك، هل لها علاقة باليقين، وهل ورود مثل هذه الوساوس تؤثر في يقين
الإنسان؟
الجواب:
بالنسبة للوساوس فإن المؤمن يخاف منها جداً، وقد خاف منها الصحابة الكرام -رضي
الله عنهم- على إيمانهم، وجاءوا يشكون ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، كما ثبت في الصحيح، قالوا: يا رسول الله {إن أحدنا ليجد في نفسه ما إن
يكون حممة -أي فحمة محترقة-
ولا يتحدث به } لأنهم يستعظمون أن يتحدثوا به، فيتمنى الواحد أن يكن فحمة محترقة، ولا يتحدث به من هوله، ولا يريد أن يقوله،
وساوس، وخطرات، وإلقاءات، ولمات
من الشيطان، لا يريدون أن يذكروها لبشاعتها ولقبحها، ولأنها تنافي إيمانهم
ويقينهم.
ولكن
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو المزكي والمربي الحكيم، طمأنهم
وقال: {أوقد وجدتموه؟ } وكأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذا يقول: إنني
أنتظر أن تجدوه، فعندما يقول لك أحد: حصل لي كذا وكذا، فتقول له: أوجدته، معناه
أنك تعلم وتتوقع أنه سوف يقع له ذلك، وزيادة في التطمين
قال لهم: {فذاك صريح الإيمان، أو ذاك محض الإيمان }، وفي رواية قال صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة }، وهي لن تؤثر بإذن
الله على المؤمن مادام أنها لم تصل إلى أن تكون اعتقاداً أو شكاً، أو وسوسة
يستفظعها، ويستقبحها، ويردها، ويرفضها، ويشكو منها، مهما طالت.
وهذه
تقع لكثير من الشباب في أول هدايتهم، وربما عرضت لغيرهم، فهي عرض من الشيطان، لا
تلقي لها بالاً، لأن كراهيتك وبغضك لها، وكونك تخاف منها ولا تقدر أن تحدث بها
أحداً دليل على الإيمان في قلبك، فعدو الله يخوض معك آخر معركة، فإن ظفر بك وأضعفك
فقد هلكت -حفظنا الله وإياكم من الهلاك- وإن نجوت وقاومت وأعرضت عنه فهو مثل الذي
يرى إنساناً ذاهباً في طريق فيأتي من يمينه ومن خلفه، فإذا عزم وتوكل على الله
ومضى في طريقة، تركه ولا يضره شيئاً، وهي من كيد الشيطان: إِنَّ كَيْدَ
الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً
[النساء:76].
فاطمئنوا
وربوا إخوانكم على ما ربى عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه
بأن يطمئنوا، وأن يتعاهدوا إيمانهم، وأن يجددوه ويقوه ولا يلقوا لتلك الخواطر
بالاً.
وسائل تقوية الإيمان في القلب
السؤال:
كيف أنمي اليقين في قلبي بعد العلم؟
الجواب:
كلما تحدثنا عن أسباب تقوية الإيمان، فإنها تؤدي إلى اليقين بإذن الله، لأن أعمال
القلب واحدة، فكل ما يؤدي بك إلى الإخلاص، أو إلى اليقين فإنه يؤدي بك إلى الصبر،
والخشية، والخشوع، والإنابة، والرغبة، والرهبة، فكلها متداخلة.
فكل
ما من شأنه أن يقوي إيمانك من قراءة القرآن، وزيارة القبور، والتفكر في ملكوت
السماوات والأرض، وفيما بث الله في الأرض من دابة، وفي أحوال الناس واختلاف
ألسنتهم وألوانهم، وإنزال الغيث، وتصريف الأمر وتدبيره، كل ما من شأنه أن يقوي
إيمانك من الآيات والعبر فهو بإذن الله يقوي يقينك.
حكم ادعاء اليقين الكامل، والفرق بين التوكل
والتواكل
السؤال:
أعرف بعض الإخوة يقولون: إن لديهم يقيناً تاماً، ولهذا فهم لا يعتمدون على الأخذ
بالأسباب في أمور حياتهم، فمثلاً لا يدخل ابنه في المدرسة قائلاً: إنني على يقين
أن ابني لن يأخذ إلا ما كتب له، أرجو التوضيح؟
الجواب: هذا ليس يقيناً ولا توكلاً وإنما هو تَوَاكل.
أولاً: لا يجوز لإنسان أن يدعي اليقين -وخاصة عبارة اليقين
الكامل- فهذا أمر صعب، فلا يجوز لأحد أن يدعي اليقين الكامل.
وأما
إن مَنَّ الله تبارك وتعالى عليه بشيء من اليقين فليحمد الله عليه، ولا بأس أن
يحدث به، وإن كان ترك ذلك أولى، لكن المقصود أن يقول: إن لدي اليقين الكامل، فهذا
مثل أن يقول أنا مؤمن كامل الإيمان، وقد أنكرها السلف
على من قالها إنكاراً شديداً.
ثم
إن ترك الأخذ بالأسباب ليس من الشرع في شيء، فلا يقول:
أنا على يقين أنه لن يأخذ إلا ما كتب له، فلا شك في ذلك، ولكن اجتهد أنت في أن
تسعى له بالخير بالقبول في التوظيف للعمل، فهذا الابن الذي أنت تقول له هذه
العبارات كيف أتى؟
لماذا
لم تقل: أعيش من غير زوجة وأنا على يقين إن كان الله سيرزقني أولاداً أنه سيرزقني،
لأنك تعلم أن الله تعالى جعل من سنته أنه لا يكون الابن إلا من زواج، فكذلك السعي
والرزق جعله الله تبارك وتعالى مقترناً ببذل الأسباب، ثم بعد ذلك هو عز وجل يعطي
ويهب لمن يشاء، ويمنع ويحرم من يشاء.
عدم اجتماع اليقين والمعصية
السؤال:
هل يمكن أن يكون الإنسان المسلم موقناً ويقع في نفس الوقت في المعصية، أم أنها لا
تجتمع معاً، أي: اليقين والمعصية لله، أفتونا مأجورين؟
الجواب:
اليقين والمعصية لا يجتمعان، لكن المعصية تقع، ويمكن أن تقع من كل أحد، وتعليل
هذا: أن اليقين في هذه الحالة يضعف، ويستولي الشيطان على العبد، كما يفعل شياطين
الإنس، فقد يكون الرجل قوياً شديداً -مثلاً- لكن حين ينام، أو يغفل، يختطفه شيطان
من شياطين الإنس ويذهب به بعيداً عن موطنه.
وكذلك
المؤمن قد يضعف ويفتر يقينه، فيختطفه الشيطان فيوقعه في معصية من المعاصي،
كالفواحش -مثلاً- فينطبق عليه أنه إذا زنا العبد ارتفع إيمانه فكان عليه كالظلة، فإن تاب ورجع وإلا أقلع
عنه، نسأل الله العفو والعافية.
فعندها يكون اليقين الذين ذكرنا بأوصافه وأحواله حينئذٍ غائباً.
أما اليقين بمعنى العلم فقط، الذي هو الحد الذي يخرج صاحبه من
دائرة الشك والريب إلى دائرة الإيمان، فهذا يظل معه، لأن هذا من قول القلب
وإقراره، والكلام إنما هو عن اليقين الذي هو عمل القلب.
حكم الشك في نصر الله لدينه ولأمة الإسلام
السؤال: هناك أناس لا يحققون معنى اليقين من الثقة بنصر الإسلام،
وأن الغلبة والعزة له، ويقول: إن الغلبة والعزة ستكون للكفار، فما هو توجيهكم
لهؤلاء؟
الجواب:
هؤلاء في الحقيقة يظنون في الله ظن السوء، وظن الجاهلية، وهو: أن الله سبحانه لن
ينصر دينه، بل إن الكافرين سوف ينتصرون على المؤمنين، وهذا مرض قديم في الأمة، مرض
به المنافقون وابتلوا به في أيام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والآن في
هذا الزمان وفي كل زمان يوجد الكثير ممن ابتلي به.
فيظن
أن الله تبارك وتعالى لن يحقق لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما وعده به:
وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً [النساء:122]. فقد وعده أن هذا الدين
يبلغ ما بلغ الليل والنهار، بأن تفتح القسطنطينية ،
ورومية -التي هي روما - وقد أعطاه الكنزين الأحمر والأسود، وزوى له الأرض ورأى ما
يبلغ ملك أمته منها، وغير ذلك مما بشر وطمأن به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وأيقن به أصحابه الكرام، فإنه قد حدثهم وأخبرهم، وهم في حال الضنك وفي
حال الشدة، وهم يحفرون الخندق وقد أحاط بهم الأحزاب من كل ناحية وزلزلوا زلزالاً
شديداً، أخبرهم أنهم سيفتحون ملك كسرى وقيصر: {إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا
هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما
في سبيل الله عز وجل }، فأيقنوا بذلك وآمنوا وتحقق ذلك بحمد الله وتوفيقه.
فهذا
لا يجوز لأحد أن يعتقده من المسلمين، وأما الذين ضعف إيمانهم بالهزيمة الفكرية
والنفسية وظنوا بالله هذا الظن , ووافقوا أهل الجاهلية
وأهل النفاق في ذلك، فهؤلاء مرضى، فيجب أن يعالجوا بكل ما من شأنه أن يرفع يقينهم
وإيمانهم وثقتهم، ولو كانت هذه الثقة الضعيفة أو فقد الثقة في الله وفي وعد الله
قبل عشر سنوات -مثلاً- لربما يقال وأين الإسلام؟!
أما
في هذه الأيام والحمد لله فهناك مبشرات كثيرة، رغم العقبات ورغم الظلمات، ورغم ما
يكيده الأعداء.
فإن
المبشرات كثيرة وواضحة جلية، وإلا فما معنى هذه الصحوة
وهذه اليقظة وهذه التوبة وهذه الأوبة في الشباب، والكهول،
والنساء، والرجال، وفي الشرق والغرب؟
والكل
يريدون منهج السلف الصالح ، والكل يريدون العلم النافع،
والكل حريصون على ما يقربهم من الله، والكل يرفض المذاهب والنظريات والشبهات: هذا
دليل -والحمد لله- واضح وجلي على أن الأمة تعيش صحوة عظيمة نسأل الله تبارك وتعالى
أن يبارك فيها وأن يسددها وأن يرزقها الإخلاص واليقين.
أخبار المسلمين
المجاهدين
السؤال:
ما آخر أخبار المسلمين في البوسنة والهرسك ، وكذلك في أفغانستان
؟
الجواب:
بالنسبة لإخواننا في البوسنة والهرسك ، الوضع الدولي متواطؤ ومتآمر.
ويتخذ
بعض القرارات كما يسمونها لحفظ ماء الوجه أو للتغطية، وإلا
فالموقف الدولي متواطؤ تماماً، والقوى الكبرى نصرانية
حاقدة أو قوى مشركة لا تؤمن بالله تبارك وتعالى، ولا يهمها شأن المسلمين ولا
أمرهم، فحدث هذا التواطؤ الغريب والعجيب، دولة تعترف بها الأمم المتحدة أنها دولة
مستقلة وفي قلب أوروبا ، وتباد وتسحق وتدمر ويشرد
الملايين، ومعسكرات للتعذيب التي لم يشابهها كما ذكروا هم إلا معسكرات النازية ،
وحرب عنصرية، إلى غير ذلك من المشاكل في ظل النظام الدولي الجديد- كما يزعمون -
وهم يترددون ويقولون سنتخذ القوة، لماذا؟!
قالوا: من أجل إيصال المعونات وليس من أجل ردع المعتدي، سبحان
الله! أين هذه القوى والموقف والشرعية الدولية، والحق والعدل والنظام الدولي،
وإثبات أن أحداً لا يمكن أن يعتدي، وما قالوه وما جعجعوا به في أزمة الخليج
ليؤلبوا العالم معهم، أين ذلك؟!
ذهب كله أدراج الرياح، واتضح أنه
كله هراء وكذب، وأنهم يعملون حيث ما تكون مصلحتهم وليس أكثر من ذلك.
والحمد
لله البشائر في هذا الجهاد أن المسلمين شكلوا جبهة -ونسأل الله أن يبارك فيها- جهادية مستقلة لا تمثل حكومة البوسنة ولا غير ذلك، وإنما من
خريجي الجامعات الذين درسوا هنا في المملكة -والحمد لله- على عقيدة صحيحة سليمة،
شكلوا معسكرات جهادية وبدءوا يجاهدون في سبيل الله،
ويشترطون فيمن يكون معهم أن يكون من أهل الصلاة والالتزام، ويتجنب المعاصي،
وحريصون على تربيتهم وعلى تعليمهم من خلال المعسكرات وفي أثناء التدريب وغير ذلك
والحمد لله.
وبدأ هؤلاء يخوضون معارك مع الصرب، ويقولون: إنهم يفرون منهم
فرار الغنم من الذئب -سبحان الله العظيم- ويقولون: رأينا فيهم جبناً عجيباً جداً،
ولكن المشكلة نقص السلاح.
ولقد
حدثني أحد الإخوة يقول: كل عشرة من الشباب على مسدس واحد، فتصوروا كيف يكون ذلك مع
قلة عددهم، وهم ليسوا كثيراً، أسأل الله أن يبارك في عددهم فلو أعطوا هؤلاء السلاح
وأعطوا المال فسيكون في ذلك خير كثير بإذن الله تبارك وتعالى، وهم يطلبون منكم
ذلك، والحمد لله عن طريقنا يسافر تقريباً كل أسبوع مجموعة من الإخوة الثقات، ومن
الإخوة الذين يحضرون الدرس وتحمسوا لهذا الموضوع للدعوة إلى الله هنالك، فهم
يذهبون ويسلمون مبالغ نقدية يداً بيد، ويقومون بالدعوة إلى الله بحسب إجازاتهم. ومنهم من قرر أن يبقى هناك يدعوهم إلى الله عز وجل
ما شاء الله أن يبقى، نسأل الله أن يوفق الجميع، فالباب مفتوح للتبرع لهم.
أما
بالنسبة لأفغانستان فالوضع في الحقيقة قاتم ومؤلم، وليس لدي تصور واضح بالضبط عما
يجري إلا الأخبار العامة ولا أتابعها كثيراً، بل قد لا أتابعها ولا أعتمد عليها، والأخبار الخاصة قد وصلتني من بعض
الأطراف فقط رسائل بالفاكس تقول: إن الجهاد لا يزال مستمراً وأن ما تحقق إنما هو
مرحلة من مراحل الجهاد، ولكن الجهاد لا يزال مستمراً مع المليشيات، ومع الشيعة ومع
الباطنية والإسماعيلية ، ومع الفرقة، وهي أشد أنواع
المشاكل التي يعاني منها المجاهدون هناك.
الفرقة التي أوقعها الشيطان فيما بينهم، فادعوا الله وتضرعوا إليه
أن يجمع كلمتهم جميعاً على الحق وعلى الكتاب والسنة، وأن يكلل نصرهم على
الشيوعيين. بانتصارهم على أنفسهم، فتصفو وتزكو وتتطهر لله عز وجل وتتخلص من أدران
الشرك والرياء والنفاق والخرافة والبدعة، ليكونوا حقاً مجاهدين، ولينصرهم الله
-تبارك وتعالى- فيستمر هذا الجهاد، وتستمر هذه الراية، والمؤامرات الدولية كبيرة
جداً عليهم.
وأمريكا لأنها لم تستطع أن يكون لها يد مؤثرة في لعبة الدولة، وأن
تجعل من أفغانستان دولة علمانية عليها مسحة دينية، وغلبت على ذلك فهي تريد الآن أن
تخرب ما حصل من الاجتماع.
ومن
أخطر ما يسمع عن الإعلام الغربي، أنه يحاول تصنيف القادة إلى معتدلين ومتطرفين،
ويضرب هؤلاء بهؤلاء حتى في لحظات الوفاق فيما بينهم، فالإعلام الغربي لا يكف عن
وصف هذا بالتطرف والتشدد، وهذا بالاعتدال إلى آخر ذلك؛ لكي يضرب فيما بينهم ولكي
تفقد الأمة الثقة فيهم، فما علينا إلا الدعاء لهم، ونسأل الله أن يجمع صفوفنا على
الحق إنه سميع مجيب.
أنواع اليقين
السؤال: ما هي أنواع اليقين، وهل الظن هو اليقين، وما علاماته على
الفرد، وهل نستطيع الحكم باليقين على من نحسبه كذلك، وجزاكم الله خيراً؟
الجواب:
يمكن أن يقسم اليقين إلى أنواع: من جهة وجوده وحقيقته في القلب، فيكون الحد الأدنى
هو: العلم، والدرجة العليا هي: حقيقة وغاية اليقين.
ومن
جهة موضوعه فإما أن يكون متعلقاً بالاعتقاد وبالعلميات، فيكون يقيناً في خبر الله،
أو متعلقاً بالعمليات وبالأوامر والنواهي فيكون يقيناً في أمر الله.
والظن
ليس من اليقين ولا يجتمعان، ولهذا يقول المشركون: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنَّاً
وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ [الجاثية:32]، فقوله: إِنْ نَظُنُّ
إِلَّا ظَنَّاً [الجاثية:32] تأكيد، وهو من البلاغة القرآنية، فالمقصود: إن كنا
نظن إلا ظناً، فما داموا يظنون فهو ظن، لكنه تأكيد أنهم لم يكونوا على إيمان، ولم
يكونوا على يقين في وعد الله -تبارك وتعالى- في الآخرة، كما قال الله عز وجل :
بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ
مِنْهَا عَمُونَ [النمل:66].
وهل
نستطيع الحكم باليقين على من نحسبه كذلك؟
هذا
جزء من الشهادة، كمن تشهد له بالإيمان أو باليقين، فإن علمت ذلك ورأيت أماراته
وعلاماته، فلا بأس أن تقول أحسبه من المتقين أو من الموقنين، أحسبه والله حسيبه
ولا أزكي على الله أحداً، ولا سيما عندما تقرأ في سير
الأولين وقد يجعل الله تبارك وتعالى أيضاً في المتأخرين من المؤمنين، لكن من ناحية
الإطلاق يمكن أن يطلق أن هذا من الموقنين، ولا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى.
والظن
قد يأتي بمعنى العلم واليقين ومنه قوله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ
مُلاقُو رَبِّهِمْ
[البقرة:46] وقوله تعالى في الآية الأخرى: وَرَأى الْمُجْرِمُونَ
النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا
[الكهف:53] فرأوها بأعينهم، فظنوا هنا بمعنى: علموا وتيقنوا.
فهذا معنى لغوي، فمن حيث اللغة يأتي في مقام فعل، وهذا واسع في
لغة العرب، لكن اليقين الذي هو عمل القلب سبق ذكره، فالظن الذي يقابله هو الشك
والكفر.
معنى علم اليقين وعين
اليقين وحق اليقين
السؤال: الأخ يسأل عن علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين؟
الجواب: علم اليقين بالنسبة لما أخبر الله تعالى به من الجنة والنار
-مثلاً- فعلم اليقين هو: ما نقرأ في كتاب الله أن الجنة والنار هكذا أوصافها، فهذا
العلم هو علم يقين. وأما حق اليقين: إذا رأيت ذلك الذي
أخبرت به وعلمته، أي: رأيت الجنة ورأيت النار ورأيت ما وعد الله أمامك، فهذا حق
اليقين، فتحول علم اليقين إلى حق اليقين.
وأما عين اليقين فإذا دخلتها وتنعمت فيها، جعلنا الله من أهل
الجنة فهذا عين اليقين.
نصيحة للذين يستعملون
البث المباشر
السؤال : ما نصيحتك للذين يستعملون البث المباشر وقد قام كثير منهم
بشرائه؟
الجواب : حين يتصور الواحد منا الدمار الهائل الذي ينتجه هذا البث،
لا شك أنه يأرق ويحزن ويألم لشدة ما يتصور، ولما يرى من ضعف وتقصير في إبلاغ هذا
الخطر والتحذير منه.
أتعلم
يا أخي أن أوروبا طلبت من أمريكا تأخير البث المباشر ثلاث سنوات لتتهيأ له، وقامت
وضجت الصحافة الفرنسية والمجتمع الفرنسي خوفاً من البث المباشر الأمريكي!! حضارة واحدة، وإباحية واحدة، وإلحاد واحد، ويجمعهم كل شيء
تقريباً، لكن يقولون: اللغة مختلفة، وبعض العادات مختلفة، فتغزونا الثقافة
الأمريكية هذا خطر عظيم! وأنذروا به وخافوا منه سبحان الله!
أما
نحن فنفتح صدورنا لاستقبال كل غزو، بل العجيب أن أول غزو وأول بث مباشر نحن صنعناه
بأيدينا، فالشركة من أبنائنا ويتكلمون بلغتنا، ولكنهم جعلوها في لندن يبثوها
علينا، ويقولون: نحن أفلامنا لا تتعرض للرقابة، فكأنهم يقولون: لا تنظر إلى
التلفزيون الذي يراقب ويقطع؛ بل انظر إلينا فأفلامنا لا تتعرض للرقابة، والعياذ
بالله.
فنحن
نغزو أنفسنا بأنفسنا ونتهيأ لذلك، وستكون النتيجة هائلة ومخيفة جداً، فلو أجريت
إحصائيات هذه السنة، عن نسبة الأمن، والجرائم والاختطاف، والاغتصاب، والشكوك عند
الشباب، والإلحاد، والتنصير، وما يتعلق بذلك، ثم بعد ثلاث سنوات من البث المباشر،
لو تجرى إحصائية أخرى؛ لرأيت الفرق الهائل جداً، فكيف بعد عشر سنين، كيف بعد
ثلاثين سنة.
وهم
يطمعون أن يأتي الجيل الآخر -على الأقل الذين هم الآن في الرابعة والثالثة
تقريباً- ويصبح جيلاً ملحداً غربياً ممسوخاً، ليس فيه من العربية إلا أنه أسمر
اللون، وربما يغيرون ألوانهم وشعورهم إن استطاعوا حتى يصبح جيلاً أمريكياً ممسوخاً
تماماً، لا ينتمي إلى دينه ولا إلى هذه البلاد بأي نوع من أنواع الانتماء، فهذا
الذي يريدونه في النهاية.
ويريدون
أن يصبح اليهود الذين هم حفنة قليلة هم المسيطرون على هذه المنطقة، وأن تتربع على
عرش المنطقة وتنهب خيراتها، وتستعبد شعوبها، ودائماً وأبداً القاعدة جارية في هذا،
وهي: أن تستعبد الشعوب وتستذل بالشهوات، فما الذي يسر لـهتلر اجتياح أوروبا كلها
وفرنسا ويدخل باريس ، ما ذاك إلا لأنهم أمة شهوات
وإباحية وانحلال، لا يمكن أن تقاوم أو تفكر في مقاومة أي عدو، فيقضى على كل معاني
الجهاد ومعاني الغيرة ومعاني العزة, وربما تتحول -والعياذ بالله- طائفة منها وترتد
وتلحد وتخرج من الإسلام، وربما أن البعض لا يكتفي بأن يخرج من دينه، بل قد يدخل في
أديانهم عندما يرى ما يعرض عليه.
فتصور
معي البث المباشر إذا انتشر، والآن قد التقط على قنوات عديدة منها القنوات التنصيرية، هذه القنوات التي تغطي الكوكب الأرضي كله، وتبث
برامج بعدة لغات، وأنا رأيت بعيني برنامجاً من برامجهم الوعظية يوم الأحد فرأيت
شيئاً عجباً.
فليست
مواعظهم كمواعظنا، فنحن والحمد لله نعظ بالقرآن ونعظ بالحق، لكن هم لديهم من
الإغراءات والأسباب شيء عجيب جداً.
فيأتي
المتحدث ويتكلم عن قديس -كما يسمونه- ويأتي بصورته أمامك، وكيف كان يتعبد وكيف كان
زهده، ويأتيك بأفلام عن هذا القديس، مع وجود أشرطة عن حياته مجانية، حيث يقال لك:
اكتب لنا العنوان فقط ونحن نرسله لك، وفي أثناء الكلام، أنت تسمع الواعظ، وفي نفس
الوقت تشارك المحطة في شيء معين، فيكتبون الأشرطة والأفلام، ثم يذكر لك حالات
الذين شفوا لما توسلوا بهذا القديس. ثم يأتيك قديس -ممن
يسمونهم قديسين- من الأحياء منهم، ويبدأ يتوسل به ويقرأ بعض الأشياء، ويأتي برجل
كسيح، أو رجل أعمى، ويظهر ويقول أنا قد شفيت... وهكذا، أشياء عجيبة جداً، إذا رآها
الإنسان قد يشك في دينه والعياذ بالله، لولا أنه يعلم أن هذا باطل، وأنه كذب، وأنه
من المخاريق، وأن فيه من عبث الشيطان الشيء الكثير، لكن
المهم أن عندهم إخراج.
مائة مليون دولار رصدت من أجل إنتاج أفلام
دينية مأخوذة من سفر التكوين في هوليود ، فالواحد منا لو تبرع بعشرة آلاف ريال
لنشر شريط، يظن أنه عمل شيئاً كبيراً، ولا شك أنه عند الله كبير، لكن بالنسبة لعمل
هؤلاء لا شيء.
هذه
جهود ضخمة جبارة هائلة، يراد بها اقتلاع هذا الدين من الوجود، فحقيقتنا حين نستقبل
هذا الغزو، كمن يقول: اقتلوني واذبحوني واضربوني، وأكثر من ذلك ضراوة، هو مثل من
يكون أغبى من ذلك فيطلب من أعدائه أن يطعموه، بكل جراثيم الإيدز، وأن ينقلوا إليه
أي مرض، فهذا وأمثاله ينقلون هذه الأمراض الفكرية والأمراض الأخلاقية إلى أهلهم
وإلى ذويهم.
فما علينا جميعاً إلا أن نحيي واجب الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، الواجب الذي يكون الحمل الأكبر فيه على العلماء ثم على طلاب العلم، وعلى
الخطباء وعلى الأئمة، أن يحذروا الناس من ذلك قبل أن تقع الكارثة وقد بدأت مع
الأسف.
ئما
علينا إلا توسيع الدعوة حتى تكون عامة، وأن نركز على الشباب؛ لأنهم أمل هذه الأمة
وأن نشغل أوقاتهم عن طريق وسائل عدة منها: المراكز، وحلقات التحفيظ، وانتقاء
المدرسين الصالحين، والمناهج الطيبة، ونشر الوسائل الإعلامية الطيبة، فهذه وغيرها
لا تنقص هذه الأمة فلدينا والحمد لله وسائل طيبة.
حال من أيقن بالشهادة وهو تارك لركن من أركان
الإسلام
السؤال : فضيلة الشيخ لقد قلت في حديثك أن {من شهد أن لا إله إلا
الله موقناً حرم على النار } وهو حديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فكيف يعاقب إذن إذا كان تاركاً أحد أركان الإسلام وواحداً من الواجبات الأخرى؟
الجواب : إذا ترك الصلاة وإن كان قد قال لا إله إلا الله مثلاً فهو
كافر، ولا يشمله ذلك، فالمقصود من وصل إلى حالة اليقين، واليقين كما ذكرنا يثمر
لصاحبه الاستقامة، وامتثال الأوامر واجتناب النواهي، فالذين يحرمون على النار هم
الطائفة الذين عصمهم الله تبارك وتعالى لما أعطاهم من اليقين، فلم يرتكبوا ما يوجب دخولهم النار، فاستحقوا بذلك الجنة، وإذا
فعلوا ما يوجب أو ما يستحقون به النار، فإما أن تشملهم رحمة الله وشفاعة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأيضاً هؤلاء طائفة لا يدخلون النار وإن كانوا في الأصل من
أهلها، وإما أن يدخلوا النار فمن دخل النار علمنا أنه لم يكن من أهل اليقين، ولا
من أهل الإخلاص، الذين وعد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنه لا يدخلهم النار.
الإنكار يزيد الإيمان
واليقين
السؤال : إنا نحبكم في الله ونسأل الله أن يجمعنا وإياكم في الفردوس
الأعلى، ونرجو من فضيلتكم توضيح لنا هذا الأمر وهو: أنه يوجد في أحيائنا بعض
المنكرات فنخشى أن ننكر هذه المنكرات فيضعف علينا
الإيمان من كثرتها، فتقع هذه المنكرات، ونخشى أن لا ننكرها
فنأثم؟
الجواب : لا أظن أن الذي ينكر المنكرات
يضعف إيمانه، إلا إن كان قصد الأخ -مثلاً- لو كان شاباً في قوة الشهوة والشباب،
والمنكر الذي ينكره -مثلاً- هو أن يذهب إلى بيوت
للفساد، أو بعض المتعرين أو المتبرجات، وينصحهم ويكلمهم، فهذه الحالات عارضة.
أما
الأصل فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزيد الإيمان ويزيد اليقين، وبركاته
وثمراته عجيبة، ورب رجل وُعظ أو نُهي عن منكر بكلمة فهداه الله تبارك وتعالى وأنت
تشعر أو لا تشعر، فهذه نعمة عظيمة، ولكن إن كان في إنكار المنكر مفسدة فعليك
اجتنابه.
ويقول
شَيْخ الإِسْلامِ : إذا ترتب على إنكار المنكر مفسدة
عظيمة فإنك لا تنكر هذا المنكر. كما لو رأيت امرأة متبرجة ولا تأمن
على نفسك الفتنة إن كلمتها، فلا تكلمها أنت، ولكن يمكن أن يكلمها من كان شيخاً
كبيراً مسناً، ويأمن على نفسه من الوقوع في الفتنة
وأشباه ذلك.
مشكلة تواجه الشباب
السؤال:
مشكلة تواجه الشباب، وهي: أن الواحد منا عندما يكون بين إخوانه يشعر بزيادة
الإيمان، وعندما يكون وحده أو في بيته، ويصبح لوحده يضعف عنده الإيمان، وقد يرجع
إلى المعاصي ومنها العادة السرية وغير ذلك، فما هو الحل لعلاج مثل هذه المشكلة؟
الجواب:
كما ذكرنا سابقاً أن هذا شأن جبلي طبيعي في النفوس أنها لا تثبت على حالة واحدة من
الإيمان ومن اليقين، بل يكون الإنسان مع إخوانه أقوى منه على انفراده كما في حديث حنظلة ،
لما قال: نافق حنظلة ، عندما {مر بـأبي بكر وهو يبكي
فقال مالك يا حنظلة قال: نافق حنظلة
قال: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة كأنه رأي عين
فإذا رجعنا إلى الأزواج والضيعة نسينا كثيراً قال: فوالله
إنا لكذلك، انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فانطلقنا فلما رآه رسول الله قال: مالك يا حنظلة،
قال: نافق حنظلة يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار
والجنة كأنه رأي عين فإذا رجعنا عافسنا الأزواج والضيعة
ونسينا كثيراً }، فهذه نفس الحالة هذه، والحل في مثل هذا أن يستديم الإنسان رقابة
الله تبارك وتعالى عليه:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا
تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
وأن
يعلم أن الله سبحانه مطلع على كل أحواله وهو معه أين ما كان، وأن يحاول أن يحافظ
على هذا الإيمان بقدر الإمكان، وأن يحافظ على حلق
الذكر، وأن يلتقي بالإخوان دائماً لأنه كلما يلتقي بهم يزداد إيمانه، ولا شك أنه
كلما كان معهم فهو أبعد عن المعصية، وهذا من فوائد صحبة الأخيار.
حكم تعلم علم النفس وعدم اليقين به
السؤال: ما حكم تعلم علم النفس وعدم اليقين بكل ما فيه، وما هو
رأيك في علم النفس؟
الجواب:
هو باسمه وبشكله الحالي الموجود المنقول عن الغرب يؤدي ولا شك إلى الانحراف
والضلال؛ لأن الذين كتبوه ودونوه لا يؤمنون بالله، أو لا يؤمنون بالغيب، أو لا
يؤمنون بالروح التي هي حقيقة هذا الإنسان، وإنما تكلموا عن النفس على أنها أشبه ما
يكون بأي نشاط من الأنشطة العضوية، فهؤلاء قوم لا يؤمنون بما وراء هذه المادة، وما
وراء هذه الأعضاء، ولذلك نظرياتهم كنظرية بافلوف
ونظرية، فرويد طبق في التحليل النفسي على الأمراض،
مثلاً: بافلوف طبق على الكلاب، وغيره طبق على الفئران،
فهم يعتبرون الإنسان حيواناً ويعتبرونه مادة، هذا خلاصة ما يمكن أن نوجز به حال
هذا العلم الغربي.
أما
من الناحية الإسلامية فكل كلام تكلم به السلف في أحوال القلب والإيمان والنفس
وتزكيتها، فهو من علم النفس الإسلامي، إن سمي أو لم يسم، فكتاب الجواب الكافي ، وكتاب مدارج السالكين ،
وكتاب إغاثة اللهفان ، وغيرها من الكتب، هذه في علم
النفس الإسلامي، وقد كتب علماؤنا في هذه الأبواب ما لا يمكن أن يتخيله علماء الغرب
فضلاً عن أن يكتبوه؛ لأن أولئك لم يستضيئوا بنور الوحي، ومدارسنا الآن تحتاج إلى
أن يكتب لها علم نفس إسلامي، مأخوذ من مشكاة الوحي ومنهج السلف الصالح .
العلاقة بين الإحسان واليقين
السؤال: هل اليقين أحد مراتب الدين، وهل هو أعلى من الإحسان، وما
رأيكم في الذين يقولون: إنهم يقتنون أجهزة البث المباشر لمتابعة الأخبار؟
الجواب: أما بالنسبة لمتابعة الأخبار فباختصار، إذا تابعنا ماذا
نستفيد، وحتى لو تابعنا حتى لو رأينا ما هي الثمرة؟
أما
من ناحية اليقين، فهو من أعمال القلب، وعلاقته بالإحسان كما ذكرنا، فالمحسن موقن
والموقن محسن، لكن هذا أحد أعمال القلب التي هي أعمال باطنة , والإحسان يشمل
الأعمال الباطنة والظاهرة، أما الأعمال الظاهرة الصالحة
فهي من لوازم اليقين، وثمراته.
فنحن
في مجتمع -الحمد لله- فيه خير وفيه فضائل وفيه قبول، كيف لو كنا في مثل ما فيه
إخواننا في الجزائر -مثلاً- كيف كانت حالهم مع فرنسا من الاضطهاد ومسخ اللغة
العربية، وإلغاء المناهج الدينية، وأحكام كلها قوانين وضعية، وانحلال وانحطاط
واختلاط في المدارس، وكانت الحكومة التي خلّفها الاستعمار مثله، فهذا ما ربوا عليه
الناس، كفر صراح بواح لا مكان فيه للإسلام، إلا في
المساجد، فلو استيأس الدعاة إلى الله، ما حققوا شيئاً، ولكنهم قاموا وتحركوا
وخطبوا وتكلموا ووعظوا وإذا بهذه الأمة سبحان الله يعتقل الصف الأول وجميع أئمة
المساجد، فيأتي مكانهم الخطباء ويعتقل الخطباء، فيأتي خطباء، بل هم أكثر السجناء،
فيهم أكثر من ستين ألفاً، ومع ذلك المساجد فيها الخطباء والدعاة والحمد لله.
سبحان
الله! كيف تفجر هذا الإيمان وهذه القوة الحمد لله قام من قام، ودعا من دعا، وصبر
وصمد وتحمل الأذى، فكانت خلفه أمة والحمد لله، فنحن نحتاج إلى هؤلاء الرجال
المؤمنين الأقوياء، الذين لا يخشون في الله لومة لائم،
والذين يدعون إلى الله سبحانه على هدى وعلى بصيرة، ويضحون بالغالي والنفيس في سبيل
إقامة هذا الدين، فلِمَ لا تكن من هؤلاء وإن لم:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح
اختر
لنفسك طريقاً من الآن، فلتكن مجاهداً، أو فلتكن داعية، أو فلتكن عالماً، أو فلتكن
آمراً بالمعروف، وما يمكن أن يكون من سبل الخير، من الآن ابدأ وستجد -بإذن الله-
أن بإمكانك أن تحقق الكثير، وأن تنتج الكثير وأن الله
سبحانه سيبارك في جهودك وينصرك بإذن الله، وإذا كنت أنت والآخر، وتعاون الجميع
وجدت الأمة التي ينصرها الله، كما أخبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:
{لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خالفهم }،
وفي رواية قال: {يقاتلون في سبيل الله حتى يأتي أمر الله }، وهو قيام الساعة
والريح التي تخرج بين يدي الساعة.
موقع صيد الفوائد