توبة رجل من ادعياء تحرير المرأة ـ(1)
ـ
ذهب فلان إلى أوروبا وما ننكر من أمره شيئاً ، فلبث فيها بضع سنين ثم عاد وما بقي مما كنا نعرفه شئ . ذهب بوجه كوجه العذراء ليلة عرسها , وعاد بوجه كوجه الصخرة الملساء تحت الليلة الماطرة .. وذهب بقلب تقي طاهر ، يأنس بالعفو ويستريح إلى العذر ، وعاد بقلب مظلم مدخول ، لا يفارقه السخط على الأرض وساكنها ، والنقمة على السماء وخالقها . وذهب بنفس غضة خاشعة ترى كل نفس ( مسلمة ) فوقها ، وعاد بنفس ذهابة نزاعة لا ترى شيئاً فوقها ، ولا تلقى نظرة واحدة على ما تحتها . ذهب وما على وجه الأرض أحب إليه من دينة وأهلة ، وعاد وما على وجهها أصغر في عينيه منهما .
كنت أري أ ن هذه الصورة الغريبة التي يتراءى فيها هؤلاء الضعفاء من الفتيان العائدين من تلك الديار إلى أوطانهم إنما هي أصباغ مفزغة على أجسامهم إفراغاً تطلع عليه شمس المشرق فتمحوها كأن لك تكن ، وأن مكان المدينة الغربية من نفوسهم مكان الوجه من المرآة ؛ إذا انحرف عنها زال خياله منها ، فلم أشأ أن أفارقه وفاء لعهده السابق ، ورجاء لغده المنتظر ، محتملاً في سبيل ذلك من حمقه ووسواسه وفساد تصوراته وغرابة أطواره مالا طاقة لمثلي باحتمال مثله ، حتى جاءني ذات ليلة بداهية الدواهي ومصيبة المصائب ، فكانت آخر عهدي به . .... البقية في الجزء الثاني