اختلاط الجنسيين
من المحزن أن الاختلاط الفاحش بين الجنسيين أصبح في عصرنا الحالي ينبئ بانحطاط الأخلاق, وهدم للقيم والمبادئ وضياع للشرف والكرامة ..
وللأسف الشديد يشجع الاختلاط ويحث عليه كثيراً ممن لا يتقون ربهم من أدعياء التقدم والتمدن يريدون بذلك أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا .. والله تعالى يقول:-
{ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ } ( النور 19 ).
ولا يستحي الواحد منهم أن يطلق الأسماء الباطلة على الاختلاط حتى يصير حلالاً فيقولون لنا باختلاط رجل بامرأة لا تحل له بأنه صداقة بريئة, أو زمالة, وكله يراد به باطل وتحليل ما حرمه الله تعالى.
قال تعالى:-
{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ {116} مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {117 } ( النحل 116-117 ).
هذا وقد تفشى وعم الاختلاط بين الجنسين في جميع مجالات الحياة من مدارس وجامعات ومؤسسات ومصانع ..
والعجب أن المرأة المسلمة تركت تعاليم دينها إلى ما حرم الله من ابتذال وعرى وسفور واختلاط فاحش كما تفعل المرأة الأوربية شبراً بشبر وذراعاً بذراع..
والأعجب من ذلك إن عقلاء الغرب ومفكروها حذروا المرأة عندهم من عواقب هذا الاختلاط المشئوم ومن الإستماع إلي شعارات الحرية والمساواة دون مراعاة الفوارق الطبيعية بينها وبين الرجل, ولكن المدافعين عن حرية المرأة عندنا لهم رآي أخر
وأذكر هنا بعضاً من أقوالهم عن عواقب المساواة وترك المرأة للبيت حتي يدرك النساء المسلمات عظمة دينهن والله المستعان:
قالت الكاتبة الإنجليزية اللادي كوك ( إن الاختلاط يألفه الرجال ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنى وههنا البلاء العظيم على المرأة . إلى أن قالت علموهن الابتعاد عن الرجال . أخبروهن بعاقبة الكيد الكامن لهن بالمرصاد) .
وقال شهوبنهور الألماني : ( قل هو الخلل العظيم في ترتيب أحوالنا الذي دعا المرأة لمشاركة الرجل في علو مجده وباذخ رفعته وسهل عليها التعالي في مطامعها الدنيئة حتى أفسدت المدنية الحديثة بقوة سلطانها ودنيء آرائها) .
وقال اللورد بيرون : ( لو تفكرت أيها المطالع فيما كانت عليه المرأة في عهد قدماء اليونان لوجدتها حالة مصطنعة مخالفة للطبيعة ولرأيت معي وجوب إشغال المرأة بالأعمال المنزلية مع تحسن غذائها وملبسها فيه وضرورة حجبها عن الاختلاط بالغير).
وقال سامويل سمايلس الإنجليزي : ( إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد فإن نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية لأنه هاجم هيكل المنزل وقوض أركان الأسرة ومزق الروابط الاجتماعية فإنه يسلب الزوجة من زوجها والأولاد من أقاربهم صار
بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة إذ وظيفة المرأة الحقيقة هي القيام بالواجبات المنزلية مثل ترتيب مسكنها وتربية أولادها والاقتصاد في وسائل معيشتها مع القيام بالاحتياجات البيئية . ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات بحيث أصبحت المنازل غير منازل وأضحت الأولاد تشب على عدم التربية وتلقى في زوايا الإهمال وطفئت المحبة الزوجية وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة والقرينة المحبة للرجل وصارت زميلته في العمل والمشاق وباتت معرضة للتأثيرات التي تمحو غالبا التواضع الفكري والأخلاقي الذي عليه
مدار حفظ الفضيلة) .
وقال شوبنهور الألماني أيضًا : اتركوا للمرأة حريتها المطلقة كاملة بدون رقيب ثم قابلوني بعد عام لتروا النتيجة ولا تنسوا أنكم سترثون معي الفضيلة والعفة والأدب وإذا مُتُّ فقولوا : أخطأ أو أصاب كبد الحقيقة. اهـ
والذي أدعو إليه رجال الأمة أن يبتعدوا عن الاختلاط بالنساء وأن يعلموا أنه من أضر ما يكون على الرجال كما قال - صلى الله عليه وسلم -:( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء )-مسلم
ولكن بالقطع أنصار الاختلاط لا يعجبهم هذا الحديث ويريدون للمرأة أن تعمل وتنتج وتختلط بالرجال في الصالح والطالح لذا هم يثيرون عدة شبهات يريدون بذلك ثغره يشككون من خلالها في القرآن والسنة النبوية, أو يستحلون الحرام بتأويل الأدلة على هواهم لإباحة الاختلاط بين الجنسين بلا ضابط أو رابط من دين أو ضمير.
ولا بأس أن نرد على بعضاً من هذه الشبهات ونوضح زيفها وبعدها عن الصواب والحق حتى يعلم الجميع خطأ ما هم فيه من خداع وزيف وباطل
ونثبت في نفس الوقت إيمان قوم مؤمنين تعرضوا للسخرية والاستهزاء لتمسكهم بتعاليم ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ..
**الشبهة الأولى:
حديث أخرجه الشيخان أثاروا حوله الشبهات واستدلوا بعقولهم القاصرة وقلوبهم المريضة من خلاله ما يوافق هواهم ومرادهم في إباحة الاختلاط والتبرج ... ونص الحديث:
عن أنس رضى الله عنه:- ( أن جاراً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارسياً كان طيب المرق (كناية عن طيب الطعام) فصنع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم جاء يدعوه فقال:- " وهذه " لعائشة, فقال:- لا, فقال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -: - " لا " فعاد يدعوه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وهذه " قال: لا, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا" ثم عاد يدعوه فقال رسول - صلى الله عليه وسلم - " وهذه " . قال: نعم في الثالثة, فقاما يتدافعان (معناه : يمشي كل واحد منهما في أثر صاحبه حتى أتيا منزله))
وهذا الحديث يدل دلالة واضحة في زعمهم على جواز الاختلاط فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب وعائشة رضي الله عنها إلى بيت جاره الفارسي لتأكل معه وتختلط به, ولنبدأ بالرد على ما أثاروه واستدلوا به من
هذا الحديث ولنبدأ ردنا بسؤال .. كيف كانت الصورة التي في عقول هؤلاء عن كيفية الزيارة ؟
أو بعبارة أخرى أكثر وضوحاً ..أتراهم يعتقدون أن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ذهبت كما تفعل نساء هذا العصر تضع الواحدة منهن المساحيق على وجهها وعينيها وتتطيب بالروائح وترتدي فستان السهرة على أحدث خطوط الموضة, وربما في طريقها تذهب إلى الكوافير ليزدها جمالاً وفتنة ودلال؟!
ثم هي تختلط بالرجال بلا حياء فتضحك لهذا, وتبتسم لذاك, وترقص مع هذا لأن ذلك من متطلبات الإتيكيت!
هل يا تري هذه هي الصورة التي يتخيلون بعقولهم المريضة حدوثها؟ لقد خاب إذن سعيهم, وضل تفكيرهم, وشطحت وعميت بصيرتهم وبصائرهم عن الحق, إن هذا بلا مواربة قدح في أمهات المؤمنين, واعتقادهم أن الاختلاط حدث كما يحدث بين عائلات هذا الزمان اعتقاد فاسد ومردود ولا دليل لهم عليه إلا الظن ثم أين هؤلاء من قوله تعالى: -
{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ
عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا{33} } ( الأحزاب 33 ).
نعم .. هم يقولون قولاً والله تعالى يقول قولاً .. فمن نصدق؟
الأمر لا يحتاج إلى تعليق على الإطلاق, وكفى بهذا زجراً لهم وتوبيخاً والله المستعان عما يقولون.
**الشبهة الثانية:
يقولون.. وبأس ما قالوه أن الاختلاط بين الجنسين يهذب الطباع, ويعالج الكبت الجنسي.. والحق أن هذه المقولة هي من كلام المجتمعات الغربية وادعياهم, وما أدعياء الاختلاط عندنا إلا أتباع لهم يتكلمون بألسنتهم, وهي مقولة بعيدة عن الصواب بل هي من
فكر منحرف وشاذ .. ونظرة إلى المجتمعات الأمريكية والغربية يتبين لنا الأمر جلياً واضحاً... إن المرأة الأمريكية والأوربية لا تأمن من أن تسير في ساعات متأخرة من الليل على نفسها من أن تتعرض للاغتصاب أو الخطف ..
وهاهي شهادة امرأة منهم تعيش بينهم أدركت حقيقة الجرم الشنيع لأصحاب الأفكار المنحرفة من أدعياء الاختلاط عندهم وحذرت من أفكارهم المسمومة المرأة العربية فماذا قالت؟
** تحت عنوان (امنعوا الاختلاط , وقيدوا حرية المرأة).
قالت: هيلسيان ستانسيري …وهذا اسمها ما نصه: -
"إن المجتمع العربي كامل وسليم ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيد الفتاة والشاب في حدود المعقول, وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوروبي والأمريكي فعندكم تقاليد موروثة تحتم تقيد المرأة, وتحتم احترام الأب والأم, وتحتم أكثر من ذلك عدم الإباحية الغربية التي تهدد اليوم المجتمع والأسرة في أوروبا وأمريكا ولذلك فإن القيود التي يفرضها المجتمع العربي على الفتة الصغيرة وأقصد ما تحت سن العشرين هذه القيود صالحة ونافعة لهذا انصح بان تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم وامنعوا الاختلاط وقيدوا حرية
الفتاة.. بل ارجعوا إلى عصر الحجاب فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا.
امنعوا الاختلاط قبل سن العشرين, فقد عانينا منه في أمريكا الكثير لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعاً معقداً مليئاً بكل صور الإباحية والخلاعة وأن ضحايا الاختلاط والحرية قبل سن العشرين, يملئون السجون والأرصفة والبارات والبيوت السرية .... إن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار قد جعلت منهم عصابات أحداث وعصابات جيمس دين وعصابات للمخدرات والرقيق.
إن الاختلاط والإباحية والحرية في المجتمع الأوروبي والأمريكي قد هدد الأسر وزلزل القيم والأخلاق فالفتاة الصغيرة تحت سن العشرين في المجتمع الحديث تخالط الشبان وترقص( تشاشا) وتشرب الخمر والسجاير وتتعاطى المخدرات باسم المدنية والحرية والإباحية, والعجيب في أوروبا وأمريكا أن الفتاة الصغيرة تحت العشرين تلعب .. تلهو وتعاشر من تشاء تحت سمع عائلتها وبصرها.. بل وتتحدى والديها ومدرسيها والمشرفين عليها تتحداهم باسم الحرية والاختلاط.. تتحداهم باسم الإباحية
والانطلاق, تتزوج في دقائق وتطلق بعد ساعات ولا يكلفها ذلك أكثر من إمضاء وعشرين قرشاً وعريس ليلة أو لبضع ليال, وبعدها الطلاق وربما الزواج فالطلاق مرة أخري ".اهـ
وبعد ماذا أقول؟ لمن هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ... ويريدون أن يخدعونا باسم المدنية الحديثة والتقدم, ويدعوننا إلى الإباحية والفجور والاختلاط ليتدنس المجتمع فيسهل الصيد وتقع الفريسة.. ماذا أقول وأرد على ما يحدث في الجامعات والمعاهد من اختلاط وفواحش ما يندي له الجبين خجلاً؟.. وباسم الصداقة والزمالة وتحت شماعة الحرية ودعاوى الحب
والرومانسية هتكت أعراض الفتيات وانتشر الزواج السري والعرفي وزواج الدم بين الطلبة والطالبات .. فحدثت الخلوة, وأطلق الشيطان سمومه ووسوسته ووقع المحظور ...
ولما فاحت رائحة الجريمة وانتفخت بطون البنات … اكتشف المجتمع والأهل هول ومصائب الاستماع لخفافيش الظلام من أدعياء التقدم والتحرر بعد أن فات الأوان, وحسبنا الله ونعم الوكيل
ولأنصار الاختلاط شبهات أخري وكلها شبهات باطلة يراد بها تحليل ما حرم الله ورسوله لكن هيهات .. هيهات أن يفلحوا أبداً .
قال تعالى:- { أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ {17} } ( الرعد).
وبعد كل ما ذكرناه يتبين للنساء أن عملهن أن كان مناسباً لطبيعتهن ولا يهين أنوثتهن أو يخدش حيائهن باختلاطهن بالرجال, ويكون حاجتهن له ضرورية لعدم وجود عائل لهن أو وجوده وعجزه عن الحد الأدنى لمتطلبات الأسرة مع مراعاة عدم إهمالهن لحقوق أسرتهن من زوج وأولاد والتزامهن بالحجاب الشرعي وموافقة الأزواج لهن لأنهم القوامون عليهن .
لو توفرت هذه الشروط جاز عملهن للضرورة والدين لا يحرم ذلك البتة, وخلاف ذلك كعملهن لإثبات مهارتهن وقدرتهن علي التنافس مع الرجال أو لقتل الملل من بقائهن في البيت أو ما أشبه ذلك لا
يجوز شرعاً والله المستعان.
...
[/size]