قد تعمل الزوجة أما لزيادة دخل الأسرة , وإما للتشدق بالمساواة ومنافسة الرجل ..
فالزوجة في الحالة الأولي أن كان عملها ملائم لطبيعته بلا اختلاط فاحش ومحتشمة وبموافقة الزوج وغير ذلك من شروط عمل المرأة فلا بأس .
أما لو كانت من النوع الثاني فهي حتماً ستبخل علي زوجها بمشاركته في ميزانية البيت , وسيؤدي ذلك إلي أحساس زوجها بالعجز فضلا عن الإهانة !!لماذا؟
لأنه عندما رضي بعملها أو رضي بالأمر الواقع عندما أبت الجلوس في البيت ليتحكم فيها!!
وستقول بملء صوتها لماذا حصلت على هذه الشهادات؟
لكي أجلس في البيت؟ لا لن يحدث.
وكلمة من هنا وكلمة من هناك لا ريب سيحدث مالا يرضاه مسلم ..
وفي كل الأحوال سيكون هناك تقصير في مهمتها الأساسية والتي هي الغاية من الزواج , ولن يشعر بالاستقرار ولا المودة ولا الرحمة لأن فاقد الشيء لا يعطيه. وللزوجات هذه الكلمات العظيمة كنصيحة لهن من كتاب "حراس الفضيلة "للعلامة بكر أبو زيد-رحمه الله - قال:
أن عمل المرأة خارج البيت مشاركة للرجل في اختصاصه، يقضي على هذه المقاصد([1]) أو يخل بها، وفيه منازعة للرجل في وظيفته، وتعطيل لقيامه على المرأة، وهضم لحقوقه؛ إذ لا بد للرجل من العيش في عالمين: عالم الطلب والاكتساب للرزق المباح، والجهاد والكفاح في طلب المعاش وبناء الحياة، وهذا خارج البيت.
وعالم السكينة والراحة والاطمئنان، وهذا داخل البيت، وبقدر خروج المرأة عن بيتها يحصل الخلل في عالم الرجل الداخلي، ويفقد من الراحة والسكون ما يخل بعمله الخارجي، بل يثير من المشاكل بينهما ما ينتج عنه تفكك .اهـ
ولأن هذه المشكلة مما تعكر الحياة الزوجية خصوصاً بين المتزوجين في القرن الواحد والعشرين فأجد التوسع في البيان والتوضيح لأمر هام هنا ألا وهو واجب خدمة الزوج من الزوجة من عدمه
لماذا؟ لأن بعض الفتاوي لأشباه العلماء تدعي أن ليس بواجب علي الزوجة أن تخدم زوجها وله فقط حق الاستمتاع , وزوجات هذا الزمن يبحثن عن دليل شرعي للتنصل من عمل البيت بحجة المساواة!! وكانت هذه الفتاوي المضروبة حجتهن فما صحتها من الناحية الشرعية بلا هوي أو مطمع؟
أذكر هنا فتوي شاملة المعاني المقصودة من فتاوي الشيخ " أبو اسحاق الحويني – حفظه الله – وهو في غني عن التعريف لعل وعسي تقتنع كل زوجة متحرر وترتدع من ترديد الشطحات التي تفسد الحياة الزوجية في مثل هذا الأمر الحيوي .
قال الشيخ – حفظه الله تعالي:
قال هؤلاء: الاستمتاع؛ لأن العقد إنما نص فيه على الاستمتاع وليس على الاستخدام.
فيقال: إن المرأة أيضاً تستمتع بالرجل، فهذا حق مشترك، كلاهما يستمتع بصاحبه، فما هي التبعة على المرأة مقابل هذه الخدمات الهائلة بالنسبة للرجل؟ هل الرجل يعجن ويخبز ويغسل الملابس وينظف البيت؟ فما عمل المرأة إذاً؟! وأين قوله تعالى: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [البقرة:228]؟ ما الذي عليهن إذاً؟
إذا كان الرجل يفعل كل ذلك، ويضرب في الأرض حتى يكسب قوته وقوت أولاده من عشرات الأفواه والأيدي كل يوم، ثم يأتي في خاتمة اليوم أو خاتمة الأسبوع أو الشهر فيعطيها ما تريد كيف يقال: إن المرأة ليس عليها أن تخدم الرجل ؟!
بل وصل الشطط ببعض هؤلاء العلماء إلى أن قال: يلزم الرجل إن كانت زوجته تدخن أن يأتي لها بالسجائر! ويزعم أن هذا معروف، كيف والتدخين حرام؟ يعني كيف لو أرادت المرأة -مثلاً- أن تخرج متبرجة أو تشرب خمراً، يكون عقوقاً من الرجل أن يمنعها من ذلك؟! هذا شطط.
والذين يقولون باستحباب الخدمة فقط، لا أتصور أحداً منهم لو جاء بأضياف إلى البيت فقال لامرأته: أعدي طعاماً.
فقالت له: إن الخدمة مستحبة، أي: لا جناح علي ولا إثم إن لم أخدمك أنت وأضيافك، التمس من يفعل لك ذلك.
لا أتصور أن يقف الرجل عند القول باستحباب الخدمة، بل لعله يطلقها.
المعروف في العقود غير الموقوف عليها أن العرف هو الذي يتحكم فيها، فإن كان على الرجل حق فعلى المرأة حق أيضاً، وإلا لم يكن هذا من العشرة بالمعروف.
قالوا أيضاً: إن خدمة فاطمة و أسماء كانت تبرعاً وإحساناً، وهذا من أعجب ما يكون، هل خدمة فاطمة كانت إحساناً؟ في الحديث الذي رواه الشيخان: أن فاطمة رضي الله عنها ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تطلب خادماً، وقد جاءه رقيق.
وفي بعض الروايات: أن علياً لما رآها تخدم وقد تورمت يداها من الخدمة قال لها: قد جاء أباك رقيق، فاستخدميه -استخدمي أحد هؤلاء الرقيق- فذهبت إلى البيت فلم تجده، فتركت الخبر عند عائشة رضي الله عنها، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وقصت عليه عائشة مطلب فاطمة رضي الله عنها ذهب إلى البيت، فوجدهما قد أخذا فراشهما، قال: مكانكما، فصعد على الفراش، قالت فاطمة : حتى وجدت برد قدميه عند صدري.
فقال لها: ( أفلا أدلك على خير لكما من خادم؟ -وفي بعض الروايات-: قال لهما: أفلا أدلكما على خير من خادم؟ تسبحا الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمداه ثلاثاً وثلاثين، وتكبراه أربعاً وثلاثين، فذلك خير لكما من خادم ) سئل علي : أما تركت هذا؟ قال: قط.
قيل: ولا ليلة صفين -المعركة المشهورة- قال: ولا ليلة صفين ).
لو كانت خدمة المرأة مستحبة فقط لقال النبي عليه الصلاة والسلام لـ علي : إن الخدمة ليست بواجبة عليها، أما وقد قال ذلك وهو صلى الله عليه وسلم لا يحابي في الحكم أحداً؛ فدل ذلك على أن الخدمة واجبة على المرأة، وهو قول ابن حبيب ، وقول أبي ثور ، وهو وجه في مذهب الحنابلة.
وفي مسند الإمام أحمد بسند صحيح أن أسماء رضي الله عنها، قالت: ( كنت أقوم على خدمة الزبير فكنت أحتز لفرسه، وأعلفه، وأسوسه، وأقوم عليه ) ومعلوم أن هذا كله كان يقوم على عين النبي عليه الصلاة والسلام، وكان يرى ذلك.
وفي صحيح البخاري أن أسماء رضي الله عنها كانت تقول: ( وكنت لا أحسن أخبز، وكن لي جارات صدق من الأنصار كن يخبزن لي ) فخدمة المرأة لزوجها كانت مشتهرة، ولا شك أن بعض النساء كن يكرهن ذلك على عهد النبي عليه الصلاة والسلام، فلم يؤثر قط أنه قال لرجل من الرجال: إن خدمة المرأة مستحبة فقط، ويلزمك أن تأتي للمرأة بخادم؛ فدل ذلك على أن خدمة المرأة لزوجها واجبة.
ومسألة أن العقد إنما هو للاستمتاع فقط مسألة في غاية التهافت؛ لأن كثيراً من الأحاديث الصحيحة دلت على أن خدمة المرأة لزوجها واجبة، لكن الخدمة إنما تكون بالمعروف، لا تكلفها فوق طاقتها، فإنه ليس على المرأة حتم لازم أن تخدم أم الرجل، أو تخدم أباه، هذا ليس حتم لازم على المرأة، ولكن تندب إليه، فلا تكلفها غصباً بالأعمال الجسيمة؛ لأن كل شيء مقيد بالمعروف، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وليست كخدمة الحضرية، كل فعل إنما يكون بالمعروف.
ثم لا تنس أن الخدمة وإن كانت على المرأة واجبة إلا أنه يستحب للرجل أن يشارك أهل بيته في بعض العمل، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكون في خدمة أهله ) وفي الشمائل للترمذي : ( يفلي ثوبه، ويقوم على إصلاح نعله، فإذا أذن للصلاة خرج إلى الصلاة ) هذا هو مقتضى المعروف: أن تشارك زوجك في بعض العمل لاسيما إن وجدتها أثقلت بكاهل الولد أو أثقل كاهلها بالعمل.اهـ
[1] - وقد بين فضيلته- رحمه الله- هذه المقاصد بقوله سلفاً في كتابه " تحقيق ما أحاطها به الشرع المطهر من العمل على حفظ كرامة المرأة وعفتها وصيانتها، وتقدير أدائها لعملها في وظائفها المنزلية "