ينبغي
للمسلم أن يتأكَّد من رواية الحديث، فيحرِصَ على صحَّة الحديث، ويبتعدَ عن
الحديث الضعيف والموضوع والمكذوب، وقد أحسن علماءُ الحديث في تبيين درجة
الحديث الصَّحيح من الضعيف.
وفي رمضان تشتهر أحاديث ضعيفة غير صحيحة بين الدُّعاة والخطباء، وبين عامَّة الناس؛ فلذلك يجب أن نتنبَّه لهذه الأحاديث، ومنها:
1) حديث ((صوموا تصحُّوا)):
ضعيف: قال العراقيُّ في تخريج "الإحياء"
(3/ 75): رواه الطَّبراني في "الأوسط"، وأبو نُعَيم في "الطِّب النبوي" من
حديث أبي هريرة بسندٍ ضعيف.
قال الألباني: "ولا يُنافيه قولُ
المنذريِّ في "الترغيب" (2/ 60) والهيثميِّ في "المَجْمَع" (3/ 179):
ورجاله ثقات؛ لأنه لا ينفي أن يكون في السَّند - مع ثقة رجاله - علَّةٌ
تقتضي ضعفه كما لا يخفى على العارف بقواعد هذا العلم، ولعلَّ الصغاني قد
بالغ حين قال (ص 7): "وهذا الحديث موضوع".
2) عن سلمان الفارسي قال:
خطبَنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه
وسلَّم - آخر يوم من شعبان، فقال: ((يا أيُّها الناس، قد أظلَّكم شهرٌ
عظيم، شهر فيه ليلةٌ خير من ألف شهر، جعل الله صيامَه فريضة، وقيامَ ليله
تطوُّعًا، مَن تقرَّب فيه بخصلةٍ من الخير كان كمَن أدَّى فريضةً فيما
سواه، ومن أدَّى فيه فريضة كان كمن أدَّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر
الصَّبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يُزاد فيه في رزق
المؤمن، ومن فطَّر فيه صائمًا فيه كان مغفرةً لذنوبه، وعتق رقبته من
النَّار، وكان له مِثْل أجره من غير أن يُنتَقَص من أجره شيء))، قالوا: يا
رسول الله، ليس كلُّنا يجد ما يفطِّر الصائم، قال: ((يُعطَى هذا الثَّواب
من فطَّر صائمًا على مَذْقة لبَن، أو تمرة، أو شربة من ماء، ومن أشبع
صائمًا سقاه الله من الحوض شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، وهو شهر أوَّله
رحمة، ووسطه مغفرة، وآخره عتقٌ من النار، فاستكثروا فيه من أربع خصال،
خصلتان تُرضون بهما ربَّكم، وخصلتان لا غِنى بكم عنهما؛ أمَّا الخصلتان
اللَّتان تُرضون بهما ربَّكم: فشهادة أنْ لا إله إلا الله، وتستغفرونه،
وأمَّا الخصلتان اللتان لا غنى بكم عنهما، فتسألون الجنة، وتعوذون من
النار)).
منكر: "فيه عليُّ بن يزيد بن جدعان؛
فإنَّه ضعيف كما قال أحمد، وقال الإمام ابن خزيمة: لا أحتجُّ به؛ لسوء
حفظه، ولذلك لَمَّا رَوى هذا الحديثَ في "صحيحه" قرَنَه بقوله: "إن صحَّ
الخبر"، وأقرَّه المنذريُّ في "الترغيب" (2/ 67)؛ (قول الألباني في
"الضعيفة"، رقم 871 ج1/ 262 - 263).
3)
((إنَّ هاتين صامَتا عمَّا أحلَّ الله، وأفطرَتا على ما حرَّم الله - عزَّ
وجلَّ - عليهما، جلسَتْ إحداهما إلى الأخرى، فجعلتا تأكلان لحوم
النَّاس))؛ (رواه أحمد عن رجلٍ عن عُبيد مولى رسول الله - صلَّى الله عليه
وسلَّم - ورواه الطيالسيُّ عن أنس)؛ "الضعيفة" للألباني (رقم 519 ج2/ 10 -
11).
ضعيف: سنده ضعيف؛ بسبب الرجل الذي لم يُسَمَّ - وقال الحافظ العراقيُّ: إنه مجهول.
وعند الطيالسيِّ: فيه الربيع بن صبيح، ضعيف، ويزيد الرَّقاشي، متروك.
4) كان إذا دخل رجب، قال: ((اللهم بارِكْ لنا في رجب، وشعبان، وبلِّغنا رمضان)).
ضعيف: رواه البزَّار في "مسنده"،
والطبراني في "الأوسط"، والبيهقي في فضائل الأوقات عن أنس، وضعَّفه ابن
حجر في "تبيين العجب" (30 - 32).
فيه زائدة بن أبي الرقاد: قال فيه أبو حاتم: يحدِّث عن زياد النميري، عن أنسٍ أحاديثَ مرفوعة منكرة، فلا يُدرى منه، أو من زياد.
وقال البخاريُّ: منكَر الحديث، وقال النَّسائي في "السُّنن": لا أدري من هو - وقال ابن حبَّان: لا يحتجُّ بخبَره.
5) ((من أفطر يومًا من رمضان في غير رُخْصة رخَّصها الله له، لم يَقْض عنه صيامُ الدهر كلِّه، وإنْ صامه)).
ضعيف: رواه أحمد، والتِّرمذي، وأبو داود،
وابن ماجَهْ، والدارميُّ عن أبي هريرة، وقال الترمذي: سمعت محمدًا - يعني:
البخاريَّ - يقول: أبو المطوس الراوي لا أعرف له غير هذا الحديث، وذكره
البخاريُّ تعليقًا بصيغة التَّمْريض.
قال المناوي في "فيض القدير" (6/ 78):
قال القرطبيُّ: حديث ضعيف، لا يُحتَجُّ بمثله، وقال الدميري: ضعيف، وإنْ
علَّقه البخاري، وسكت عليه أبو داود، وممن جزم بضعفه البغويُّ، وقال ابن
حجر: فيه اضطراب، قال الذهبيُّ في "الكبائر": هذا لم يَثْبت، وضعَّفه
الألباني؛ (ضعيف الجامع الصغير رقم 5471، وتخريج المشكاة 2013).
6)
((لو يعلم العباد ما في رمَضان، لتمنَّت أمتي أن تكون السَّنة كلها))،
فقال رجلٌ من خزاعة: يا نبيَّ الله حدِّثنا، فقال: ((إنَّ الجنة لتزيَّن
لرمضان من رأس الحول إلى الحول، فإذا كان أوَّل يوم من رمضان هبَّت ريحٌ
من تحت العرش، فصفقت ورق الجنَّة، فتنزر الحور العين إلى ذلك، فيَقُلن: يا
ربِّ، اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجًا تقَرُّ أعينُنا بهم، وتقرُّ
أعينهم بنا، قال: فما من عبدٍ يصوم يومًا من رمضان إلاَّ زُوِّج زوجةً من
الحور العين في خيمة من درَّة، مما نعَتَ الله ﴿ حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ
﴾ [الرحمن: 72]، على كلِّ امرأة سبعون حلَّة، ليس منها حلة على لون
الأخرى، تُعطَى سبعين من الطِّيب، ليس منه لونٌ على ريح الآخر، لكلِّ
امرأة منهن سبعون ألف وصيفة لحاجتها، وسبعون ألف وصيف، مع كلِّ وصيف صحفة
من ذهب، فيها لون طعام تجد لآخِر لقمة منها لذَّة، لا تجد لأوَّله، لكل
امرأة منهن سبعون سريرًا من ياقوته حمراء، على كل سرير سبعون فراشًا
بطائنها من إستبرق، فوق ذلك فراش سبعون أريكة، ويُعطَى زوجُها مثل ذلك على
سريرٍ من ياقوت أحمر، موشَّح بالدُّر، عليه سواران من ذهب، هذا بكلِّ يوم
صامه من رمضان، سوى ما عمل من الحسَنات)).
موضوع: رواه ابن خزيمة في "صحيحه" 3/ 190
رقم 1886، وأبو يعلى من حديث أبي مسعودٍ الغفاري، وقال الألبانيُّ في
تعليقه على ابن خزيمة: إسناده ضعيف، بل موضوع.
وقال المنذريُّ في "الترغيب": لوائح الوضع ظاهرةٌ على الحديث.
7) ((نوم
الصائم عبادة، وصَمْتُه تسبيح، وعمَلُه مضاعف، ودعاؤه مستجاب، وذنبه
مغفور))؛ رواه ابن مندَهْ والبيهقيُّ وضعَّفه العراقي في "إحياء علوم
الدين"، وانظر: "ضعيف الجامع"، (5972)، ص 861.
((من أفطر يومًا في رمضان من غير عذر ولا مرض لم يقضه صيامُ الدَّهر كله
وإن صامه))؛ رواه الترمذيُّ وأبو داود، وهو ضعيف، وذكر ابن حجر في "فتح
الباري" (4/ 161) أنَّ هذا الحديث فيه ثلاث علل.
هذه جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة،
لا ينبغي للمسلم إذا عرف ضعفَها وعدم صحَّتِها أن ينسبَها للنبي - صلَّى
الله عليه وسلَّم - لأنَّها تعتبر من الكذب على النبي - صلَّى الله عليه
وسلَّم
المصدر موقع الألوكة.