حاز بعض الحاكة
على طبيب فرآها يصف لهذا النقوع ولهذا التمر هندي فقال من لا يحسن مثل هذا فرجع إلى
زوجته فقال اجعلي عمامتي كبيرة فقالت ويحك أي شيء قد طرأ لك قال أريد أن أكون طبيباً
قالت لا تفعل فإنك تقتل الناس فيقتلوك قال لا بد فخرج أول يوم فقعد يصف للناس فحصل
قراريط فجا فقال لزوجته أنا كنت أعمل كل يوم بحبة فانظري إيش يحصل فقالت لا تفعل قال
لا بد كان في اليوم الثاني اجتازت جارية فرأته فقالت لسيدتها وكانت شديدة المرض اشتهيت
هذا الطبيب الجديد يداويك قالت ابعثي إليه فجاء وكانت المريضة قد انتهى مرضها ومعها
ضعف فقال علي بدجاجة مطبوخة فجيء بها فأكلت فقويت ثم استقامت فبلغ هذا إلى السلطان
فجاء به فشكا إليه مرضاً يشتكيه فاتفق أنه وصف له شيئاً أصلح به فاجتمع إلى السلطان
هذا قد صلحت على يديه وصلحت الجارية على يديه وصلحت الجارية على يديه فلا أقبل قولكم
قالوا فنجربه بمسائل قال افعلوا فوضعوا له مسائل وسألوه عنها فقال أن أجبتكم عن هذه
المسائل لم تعلموا جوابها لأن الجواب لهذه المسائل لا يعرفه إلا طبيب ولكن أليس عندكم
مارستان قالوا بلى قال أليس فيه مرضى لهم مدة قالوا بلى قال فأنا أداويهم حتى ينهض
الكل في عافية في ساعة واحدة فهل يكون دليل على علمي أقوى من ذلك قالوا لا فجاء إلى
باب المارستان وقال اقعدوا لا يدخل معي أحد ثم دخل وحده وليس معه إلى قيم المارستان
فقال للقيم أنك والله إن تحدثت بما أعمل صلبتك وإن سكت أغنيتك قال ما انطق قال فأحلفه
بالطلاق ثم قال عندك في هذا المارستان زيت قال نعم قال هاته فجاء منه بشيء كثير فصبه
في قدر كبير ثم أوقد تحته فلما اشتد غليانه صاح بجماعة المرضى فقال لأحدهم أنه لا يصلح
لمرضك إلا أن تنزل إلى هذا القدر فتقعد في هذا الزيت فقال المريض الله الله في أمري
قال لا بد قال أنا قد شفيت وإنما كان بي قليل من صداع قال ايش يقعدك في المارستان وأنت
معافى قال لا شيء قال فاخرج وأخبرهم فخرج يعدو ويقول شفيت بإقبال هذا الحكيم ثم جاء
إلى آخر فقال لا يصلح لمرضك إلا أن تقعد في هذا الزيت فقال الله الله أنا في عافية
قال لا بد قال لا تفعل وأخبر الناس بأنك في عافية فخرج يعدو ويقول شفيت ببركة الحكيم
وما زال على هذا الوصف حتى أخرج الكل شاكرين له والله الموفق.
لكتاب : الأذكياء
المؤلف : ابن
الجوزي