موقع الكاتب المصري سيد مبارك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الموقع الشخصي للكاتب المصري سيد مبارك ( بث مباشر للقنوات الإسلامية - مواقع إسلامية - مكتبة إسلامية شاملة - برامج أسلامية - القرأن الكريم وعلومه)
 
الكاتب والداعيةالرئيسيةأحدث الصوردخولالتسجيل
ouuouo10.jpgouuou_10.jpgououoo10.jpgoouo_o10.jpgouuuus10.jpguoou_u10.jpguusu_o10.jpguo_ooo10.jpguooooo10.jpguu_uou10.jpg
مؤلفات الشيخ سيد مبارك أطلبها من المكتبة المحمودية بالأزهر الشريف- مكتبة أولاد الشيخ بفيصل- مؤسسة قرطبة بالهرم...مؤلفات الشيخ سيد مبارك أطلبها من المكتبة المحمودية بالأزهر الشريف- مكتبة أولاد الشيخ بفيصل- مؤسسة قرطبة بالهرم


 

 حول العلم وفوائد في علم الحديث للشيسخ مقبل الوادعي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشيخ سيد مباØ
صاحب الموقع
صاحب الموقع
الشيخ سيد مباØ


عدد الرسائل : 2210
العمر : 63
العمل/الترفيه : كاتب اسلامى
تاريخ التسجيل : 07/12/2008

حول العلم وفوائد في علم الحديث للشيسخ مقبل الوادعي Empty
مُساهمةموضوع: حول العلم وفوائد في علم الحديث للشيسخ مقبل الوادعي   حول العلم وفوائد في علم الحديث للشيسخ مقبل الوادعي Emptyمارس 11th 2012, 8:20 am





الحمد لله رب العالمين، والصلاة
والسلام على نبينا محمد الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد: فإن الموضوع الذي تم اختياره هو موضوع العلم. والعلم يعتبر علاجًا لجميع
أمراضنا، ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأمره ربه أن يطلب الزيادة من
العلم، فقال سبحانه وتعالى: {وقل ربّ زدني علمًا1} ورب العزة يبين حالة العالم
وحالة الجاهل، فقال: {أفمن يعلم أنّما أنزل إليك من ربّك الحقّ كمن هو أعمى إنّما
يتذكّر أولو الألباب2}.
ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول فيما رواه البخاري ومسلم في
"صحيحيهما" من حديث معاوية رضي الله عنه: ((من يرد الله به خيرًا يفقّهه
في الدّين)).
ورب العزة يعلّل كثيرًا من مخلوقاته، فيقول في آية من كتابه: {إنّ في ذلك لآيات
للعالمين3}. وقال تعالى: {وما يعقلها إلاّ العالمون4}.
ورب العزة يفضّل الكلب المعلم على غير الكلب المعلم، فيحلّ صيد الكلب المعلم مع
ذكر اسم الله تعالى، فيقول سبحانه وتعالى: {يسألونك ماذا أحلّ لهم قل أحلّ لكم
الطّيّبات وما علّمتم من الجوارح مكلّبين تعلّمونهنّ ممّا علّمكم الله5}.
بل يخبرنا الله سبحانه وتعالى أن الهدهد صال بحجته على سليمان فقال: {أحطت بما لم
تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين6}.
ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرغّب أمته في العلم، ويرغّب أمته في
أشرف العلوم، ألا وهو حفظ كتاب الله، فإن أفضل العلوم هو القرآن الكريم، بخلاف ما
يقول أهل علم الكلام. أهل علم الكلام يقولون: إن أفضل العلوم هو علم الكلام لأنه
يتكلم عن الله وصفاته. وهذا جهل منهم بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه
وعلى آله وسلم وقد كان الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول: (حكمي على أهل علم
الكلام، أن يدار بهم في الأسواق ويضربوا بالسياط, ويقال: هذا جزاء من استبدل بكتاب
الله أو من أعرض عن كتاب الله).
فأفضل العلوم هو تعلم كتاب الله وتعلم سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
{يرفع الله الّذين ءامنوا منكم والّذين أوتوا العلم درجات7}، {إنّما يخشى الله من
عباده العلماء8}.
والعلم أفضله هو حفظ القرآن الكريم, فإن نبينا محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم
يقول -كما في "صحيح البخاري" من حديث عثمان رضي الله عنه: ((خيركم من
تعلّم القرآن وعلّمه))، ويقول كما في "صحيح مسلم" من حديث عمر رضي الله
عنه: ((إنّ الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين?)).
وكان علماؤنا المتقدمون رحمهم الله تعالى, منهم من يتخصص للقرآن, ومنهم من يتخصص
لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, ومنهم من يتخصص في اللغة العربية.
وفي الغالب أن المتخصص منهم يكون ملمًا ببقية العلوم, لكن قد وجد من القراء كحفص
بن سليمان إمام?في?القراءة -وهو أحد القراء السبعة- لكنه متروك في الحديث, ووجد
أيضًا من هو إمام في الحديث, وربما يلحن في الأمور السهلة، وذلكم كعثمان بن أبي
شيبة أخي أبي بكر بن أبي شيبة وأخي القاسم أيضًا، فإنه كان إمامًا في الحديث, لكنه
يصحّف في القرآن, وإن كان الحافظ ابن كثير ينكر هذا ?في?كتابه "مختصر علوم
الحديث".
ومن علمائنا المتقدمين من كان يتخصص?في?اللغة العربية، بل العربية تنقسم إلى
أقسام، فمنهم من يتخصص?في?النحو، ومنهم من يتخصص في الصرف إلى غير ذلك، ومنهم من
يجمع بين هذا وذاك, فالإمام الشافعي رحمه الله تعالى كان إمامًا?في?اللغة، وربما
احتجّ بعربيته, وكان إمامًا في سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى إنه
لقّب بناصر السنة، وكتاباه "مختلف الحديث" و"الرسالة" ينبئان
بأنه يستحق أن يلقب بناصر السنة, لأنه رد على أصحاب الرأي، ورد أيضًا على
المعتزلة، وعلى من يطعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والعلم منْزلته رفيعة، من أجل هذا, فقّل أن تجد مؤلّفًا إلا وقد عقد
كتابًا?في?العلم, ففي "البخاري" (كتاب العلم), وفي "صحيح
مسلم" (كتاب العلم)، وفي "الترمذي" ?كتاب العلم)، بل من أهل العلم
من أفرد العلم بالتأليف كالحافظ ابن عبدالبر يوسف بن عبدالله، فإنه ألف كتابًا
قيّمًا يساوي الدنيا، اسمه "جامع بيان العلم وفضله"9 فذكر فيه فضل
العلماء، وذكر فضل العلم, وذكر التقليد, وأن التقليد ليس بعلم.
يقول بعضهم: أجمع العلماء على أن المقلد لا ينبغي أن يعدّ من أهل العلم, ورب العزة
يقول?في?كتابه الكريم: {اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه
أولياء قليلاً ما تذكّرون10}.
فذلك الكتاب القيم بدأه بفرض العلم، ثم أتى بحديث: ((طلب العلم فريضة على كلّ
مسلم?)) وأشار إلى تضعيفه رحمه الله تعالى، لكن الإمام السيوطي رحمه الله تعالى
يقول: إنه وجد له قدر خمسين طريقًا، ومن ثمّ حكم بصحته.
وما هو العلم الذي يعد فريضة؟.
العلم الذي أوجبه الله عليك هو الذي يعد فريضة. فالعقيدة (التوحيد) واجب على كل
مسلم أن يتعلمها،?كما?جاءت?في?الكتاب والسنة. ويحرم الجهل بالعقيدة سواء
أكانت?في?أسماء الله أو صفاته، ويجب الإيمان بالعقيدة?في?أسماء الله وصفاته، كما
وردت?في?كتاب الله، وكما وردت في سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتلكم
الجارية التي هي راعية غنم كما في حديث معاوية بن الحكم السّلمى رضي الله عنه: أنه
أتى بجارية ليعتقها. فقال: يا رسول الله إني أريد أن أعتقها. فقال لها النبي صلى
الله عليه وعلى آله وسلم: ((يا جارية أين الله؟)) قالت: في السماء. قال: ((أعتقها
فإنّها مؤمنة)).
يجب على كل مسلم أن يؤمن أن الله في السماء، وأن الله سبحانه وتعالى بعلمه مع كل
أحد، وبحفظه وكلاءته ونصره مع المؤمنين يجب أن نؤمن بهذا: {ءأمنتم من في السّماء
أن يخسف بكم الأرض11}، {الرّحمن على العرش استوى12}.
وهناك كتاب قيم في هذا الموضوع أنصح إخواني في الله بقراءته, ذلك الكتاب القيم هو
"العلو للعلي الغفار" للحافط الذهبي رحمه الله تعالى، وقد اختصره الشيخ
ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى, فمن كان من طلبة العلم المحققين فينبغي أن
يقتني الأصل, ومن كان لا يستطيع التحقيق فيقتني اختصار الشيخ، وإن جمع بين
الكتابين فحسن، فإن أحدهما لا يغني عن الآخر.
والعلم قيض الله له علماء حفظوا لنا هذا الدين، حفظوا كتاب الله، وتلقاه الآخر عن
الأول، وحفظوا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونفوا عنها الكذب
والأباطيل، نفوا ووقفوا?في?وجوه الكذّابين، ونخلوا سنة رسول الله صلى الله عليه
وعلى آله وسلم نخلاً، لأنّهم كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم.
يقول الإمام الشافعي: (من روى عن البياضي بيّض الله عيونه). يدعو على من روى عن
البياضي لأن البياضي مجروح. ويقول: الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: (الرواية عن
حرام بن عثمان حرام). فهذا قول الإمام الشافعي في هذين المحدثين.
ولقد كان العلماء رحمهم الله تعالى ينخلون السنة نخلاً، حتى إنه قدّم زنديق لتضرب
عنقه في عصر الرشيد فقال: كيف تقتلونني وقد وضعت?في?دينكم أربعة آلاف حديث أحرّم
فيها الحلال وأحلّ فيها الحرام. فقال له الرشيد: يا خبيث، إن أبا إسحاق الفزاري
وعبدالله ابن المبارك سينخلانها نخلاً.
وكانت لديهم غيرة على سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى إن يحيى بن
معين رحمه الله تعالى عند أن حدّث سويد بن سعيد: ((من عشق فعفّ فمات مات شهيدًا)).
قال يحيى بن معين: لو أنّ لي فرسًا ورمحًا لغزوت سويدًا، لأنه تجرأ في رواية
الأحاديث الضعيفة.
ورئي شعبة بن الحجاج رحمه الله تعالى ذات يوم متقنعًا في نصف النهار، فقيل له: إلى
أين يا أبا بسطام؟ قال: أريد أن أعتدي على جعفر بن الزبير, فإنه يكذب على رسول
الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ومن لم يكن من المحدثين فلا بد أن يتخبط في عبادته، وفي?وعظه، وفي معاملته، وفي
جميع شئونه. لأنّه لا يؤمن أن يحدث بحديث ضعيف. وأنا آتيكم بمثال أو بأمثلة:
من الأمثلة على هذا حديث قد شاع وذاع: ((حبّ الوطن من الإيمان)) هذا الحديث لم
يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ومن الأمثلة على هذا أيضًا حديث: ((اختلاف أمّتي رحمة)) حديث لا يوجد له سند، ولا
يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ومن الأمثلة على هذا أيضًا حديث: ((الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز
من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني))، هذا حديث معناه صحيح. لكنه بهذا
اللفظ ضعيف، لأنه من طريق أبي بكر بن أبي مريم، وقد اختلط بسبب حليّ سرقت عليه.
ومن الأمثلة: قصة يحدّث بها في الحرمين ويحدّث بها في الإذاعات، قصة ثعلبة، التي
فيها أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يسأل الله أن يرزقه مالاً،
وأنه قيل له: ((يا ثعلبة قليل تؤدّي شكره خير من كثير لا تطيقه))، وذكرت في
"الجلالين"، وقلّ أن تجد تفسيرًا إلاّ وقد ذكرت فيه.
هذه القصة استفدنا تضعيفها في أول الأمر من أبي محمد بن حزم رحمه الله تعالى، قال:
إن في سندها معان بن رفاعة، وعلي بن يزيد الألهاني، والقاسم بن عبدالرحمن،
وثلاثتهم ضعفاء. ثم روجع "مجمع الزوائد" فإذا هو يقول: في سندها علي بن
يزيد الألهاني وهو متروك. ثم روجع "تخريج الكشاف" للحافظ ابن حجر فإذا
هو يقول: في سندها علي بن يزيد الألهاني وهو واه، ثم روجع "تخريج الإحياء"
فإذا الحافظ العراقي يقول: إن في سندها ضعفًا. وناهيك بالسيوطي تساهلاً فإنه ذكرها
في "لباب النقول من أسباب النّزول".
هذه القصة كان بعض علماء الحرم يحدث بها فقيل له: يا شيخ إنّها ضعيفة. قال: نريد
أن نرقّق بها قلوب العامة.
يا سبحان الله!! أما في كتاب الله، ولا في صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى
آله وسلم ما يرقق قلوب العامّة!! {فبأيّ حديث بعد الله وءاياته يؤمنون}.
ومن الأمثلة على هذا حديث: ((لا يؤمن أحدكم حتّى يكون هواه تبعًا لما جئت به)) وما
أكثر ما قد حدثْنا بهذا الحديث! يقول الحافظ ابن رجب في كتابه "جامع العلوم
والحكم": إنه من طريق نعيم بن حماد، وهو ضعيف. هذه علة.
والعلة الثانية: أنه اختلف على نعيم في شيخه. والعلة الثالثة: أنه لا يدرى أسمع
عقبة بن أوس من عبدالله بن عمرو أم لم يسمع؟
ومن الأمثلة على هذا: ((من تعلّم لغة قوم أمن مكرهم)) هذا الحديث بحث عنه الباحثون
فلم يجدوا له أصلاً، وإن كان معناه صحيحًا، لكن لا يجوز لنا أن نضيف إلى رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا ما ثبت عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ومن الأمثلة على هذا: أنكم تجدون بعض الأئمة عند تسوية الصفوف يقول: ((استووا فإنّ
الله لا ينظر إلى الصّفّ الأعوج))، وهذا لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله
وسلم، ويكفي أن تقول: استووا، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:
((لتسوّنّ صفوفكم أو ليخالفنّ الله بين قلوبكم)).
من الأمثلة على هذا -أي على الأحاديث الموضوعة- أنّهم رووا حديثًا أن النبي صلى
الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((من قال حين يسمع المؤذّن يقول: أشهد أنّ محمدًا
رسول الله، ثمّ ينفث في ظفري إبْهاميه ويمسح بهما عينيه ثمّ يقول: مرحبًا بحبيبي
وقرّة عيني. قال: فمن قالها فإنّه لا يرمد)) الحديث ذكره الشوكاني في
"الفوائد المجموعة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة".
ومن الأمثلة على هذا حديث: ((أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن يرد المدينة فليأت
الباب)). فيه عبدالسلام بن صالح أبوالصلت الهروي وهو متروك.
والصحيح كاف. يكفي ما صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويكفي كتاب الله،
فإن نبينا محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من كذب عليّ متعمّدًا
فليتبوّأ مقعده من النّار)). هذا مرويّ عن علي بن أبي طالب، وعن المغيرة بن شعبة،
وعن الزبير بن العوام وعن قدر ستين صحابيًا.
ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من حدّث عنّي حديثًا وهو يرى أنّه كذب
فهو أحد الكاذبين?)).
قد يقول قائل: إن من أهل العلم من أجاز أن يحدث بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال!
نعم، أجازه عبدالرحمن بن مهدي، والإمام أحمد، والإمام البيهقي، وجمع من العلماء
لكنهم يعنون الحسن، بدليل أنّهم مثلوا بمحمد بن عمرو بن علقمة وأمثاله, وجعلوا
حديثه ضعيفًا، والمتأخرون يحسنون حديثه. فهم يريدون الحسن.
ومن أجاز التحديث بالحديث الضعيف, فإنما يجيزه بثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن لا يشتد ضعفه.
الشرط الثاني: أن يكون مندرجًا تحت أصل من الأصول.
الشرط الثالث: أن لا يشتهر العمل به، وأن لا يعتقد ثبوته.
أما الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى فإنه يقول في كتابه "الفوائد
المجموعة": وهو شرع ومن ادعى التفصيل فعليه البرهان.
قد يقول قائل أو يظن ظانّ أن المشتغل بتصحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى
آله وسلم يشغله عن الدعوة، لا، بل يقويك على الدعوة، وتصبح حاكمًا، تستطيع أن تحكم
على الخطيب، وعلى الصحفي، وعلى المؤلف, فكم من حديث ضعيف يختلف الناس فيه، وهو
حديث ضعيف. منهم من يقول به، ومنهم من لا يقول به.
ومن الأمثلة على هذا: حديث أن جماعةً من الصحابة ضحكوا في الصلاة، ثم أمرهم النبي
صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يعيدوا الصلاة، وأن يعيدوا الوضوء.
هذا حديث من طريق أبي العالية الرياحي، وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
حديث أبي العالية رياح. يعني لا يثبت هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله
وسلم.
ومن الأمثلة على هذا أي على الأحاديث الضعيفة والموضوعة: ما جاء في "فيض
القدير" وفي "المجموع" المنسوب لزيد بن علي: أن النبي صلى الله
عليه وعلى آله وسلم رأى رجلاً يعبث بلحيته، وهو في الصلاة، فقال: ((لو خشع قلب هذا
لسكنتْ جوارحه)). هذا الحديث يحدث به كثير من الناس، مع أنه لا يثبت عن النبي صلى
الله عليه وعلى آله وسلم.
ومن الأمثلة على هذا: ((صنفان من أمّتي إذا صلحا صلحتْ أمّتي وإذا فسدا فسدتْ
أمّتي: العلماء والأمراء)). الحديث معناه صحيح، لكن لا يجوز لك أن تقول: قال رسول
الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, لأنّه ما كلّ ما يصحّ معناه يجوز لك أن تضيفه
إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فالأحاديث الضعيفة كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه
"رفع الملام عن الأئمة الأعلام" سبب من أسباب الفرقة، تجد الرجل قد
استدل بحديث، فيأتي آخر ويضعفه، وليس معنى هذا أنه لا سبيل إلى أن تعرف الحقيقة.
ومن أهل الخير، ومن الناس الطيبين من يحب علم الحديث، ويحب أهل الحديث, لكنه يرى
أن الأئمة قد اختلفوا في التجريح والتعديل، واختلفوا في التصحيح والتضعيف، فيظن
أنه لا سبيل إلى ذلك، لأن الأئمة رضوان الله عليهم وضعوا قواعد، فأنت إذا قال لك
رجل: فلان ثقة. وقال لك آخر: أنا سمعته يعكف على آلات اللهو والطرب أو رأيته على
آلات اللهو والطرب. فبأي القولين تأخذ؟ ويقول لك رجل: فلان ثقة يصلي معنا، وحسن
المعاملة. وآخر يقول: أنا رأيته عاكفًا على آلات اللهو والطرب. فبأي القولين تأخذ؟
الجرح المفسّر مقدّم على التعديل، والجارح اطلع على مالم يطلع عليه المعدل.
والعلماء يتفاوتون في هذا المضمار من أجل هذا يحصل الاختلاف. وقد ذكر ابن أبي حاتم
في كتابه "مناقب الشافعي" والبيهقي أيضًا في كتابه "مناقب
الشافعي" أنه اختلف الشافعي ومحمد ابن الحسن أي العالمين أعلم، مالك أم
أبوحنيفة؟ وكان الشافعي يحب مالكًا، والشافعي تلميذ مالك. ومحمد بن الحسن تلميذ
أبي حنيفة. فقال الإمام الشافعي لمحمد بن الحسن: أنشدك الله، أصاحبنا أعلم بكتاب
الله أم صاحبكم؟ قال: صاحبكم -يعني مالكًا-. قال: أنشدك الله، أصاحبنا أعلم بسنة
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أم صاحبكم؟ قال: صاحبكم -يعني مالكًا-.
قال: فلم يبق إلا القياس فالذي ليس لديه أصول فعلى أي شيء يقيس. هذه القصة ذكرها
ابن أبي حاتم والبيهقي بسند صحيح.
شاهدنا من هذا أن العلماء يتفاوتون فمنهم إمام في الفقه، وهو ضعيف في الحديث،
ومنهم إمام في الحديث، لا يستطيع أن يستنبط أحكامًا كما يستطيع أن يستنبطها
الفقيه.
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه))
ويقول: ((ربّ مبلّغ أوعى من سامع)).
وعلم الحديث الذي زهد فيه كثير من الناس، وأصبحوا يزهّدون فيه, إن لم يكن الفقيه
محدثًا فلا بد أن يتخبط، كما ذكره الشوكاني رحمه الله تعالى في كتابه "نيل
الأوطار".
وهكذا أيضًا لأن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كثيرة ولا بد من
النظر فيها، فماذا يفعل علماؤنا رحمهم الله تعالى؟ العلماء رحمهم الله تعالى إذا
أرادوا أن يستدلوا بحديث؟ فإن كان في"الصحيحين" فقد أجمع أهل الحق على
تلقي ما في "الصحيحين" بالقبول إلا أحاديث يسيرة انتقدها الحفاظ
كالدارقطني وغيره. وإن كان في غير "الصحيحين" فإما أن يصححه حافظ من
الحفاظ، كالحافظ ابن حجر والحافظ العراقي وغيرهما من العلماء الذين تصدوا للتصحيح
والتضعيف، وإما أن تبحث أنت عن سنده لابد من هذا وإلا فلا يحل لك أن تستدل، لأن
العلماء رحمهم الله تعالى مثل أبي داود رحمه الله تعالى يقول في "سننه":
ذكرت الصحيح وما يقاربه وما يشابهه، وما كان فيه وهن شديد بينته وما لم أذكر فيه
شيئًا فهو صالح.
وهكذا الترمذي ذكر الأحاديث الصحيحة، ورب حديث يذكره الترمذي ويقول: إنه ضعيف،
ويقول: إنه منقطع، ويقول: إنه غريب. والغالب على ما قال فيه الترمذي: (غريب) فقط
الضعف.
إذًا فسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجب على المدرس وعلى الواعظ أن
يتعلمها وما أكثر التخبطات في كلام كثير من الواعظين، وذلكم من زمن قديم حتى إن من
العلماء من ألّف كتابًا بعنوان "القصّاص" وآخر يؤلف كتابًا بعنوان
"تحذير الخواص من أحاديث القصاص"، وكثير من الواعظين يعظون الناس
بأحاديث ضعيفة وموضوعة، خصوصًا الأحاديث التي يتلقاها بعضهم من بعض. فأنصح إخواني
في الله من أراد أن يعظ فليقتن "رياض الصالحين" وليقتن "اللؤلؤ
والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان" وليقتن الكتب التي قد خدمت.
أما أن تقرأ في "تنبيه الغافلين" لأبي الليث السمرقندي، أو تقرأ في
"نزهة المجالس" أو تقرأ في "بدائع الزهوروكثير من الكتّاب العصريين
يكتفون بقولهم: رواه الترمذي، رواه ابن ماجه، رواه أبوداود، رواه الطبراني. وهذا
لا يكفى لأن هؤلاء لم يشترطوا الصحة, بل لابد أن يقول رواه الطبراني وهو حديث صحيح
أو حسن أو ضعيف إلى غير ذلك.
لا يكفى أن يعزو الحديث، ثم بعد ذلك أنت تقرأ وتظن أنه قد طبع في المطابع ولو لم
يكن صحيحًا لما طبع في المطابع، لا، فكتب السحر والدجل والشعوذة طبعت في المطابع،
فإن المطابع الآن أصبحت آلة ارتزاق، يهمهم أن يطبعوا الكتاب الذي ينفق لهم في
الأسواق.
فلا بد أن تسأل العلماء، وأن ترحل إلى العلماء، كما كان العلماء السابقون يرحلون.
فربما رحلوا من أجل حديث واحد، ونحن الآن معشر المسلمين يتغرب أحدنا عشر سنين، أو
خمس سنين، أو سنتين من أجل الدنيا، أولئكم كانوا يتغربون، وكانوا يرحلون من أجل
العلم, لعلمهم أنه لا قوام للأمة الإسلامية إلا بالعلم, لاسيما وبلدنا معشر
اليمنيين فقيرة من العلم نحن محتاجون إلى شباب يدرسون كتاب الله ويحفظون كتاب
الله، وإلى شباب يحفظون سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والأمر سهل
جدًا لو تغرب طالب العلم مدة يسيرة استطاع أن يحفظ القرآن ومدةً يسيرة يستطيع أن
يعرف كيف يستفيد من الكتب العلمية يستطيع أن يستفيد في مدة يسيرة. يسر الله ذلك
إنه على كل شيء قدير13.










1 طه، الآية:114.
2 الرعد، الآية:19.
3 الروم، الآية:22.
4 العنكبوت، الآية:43.
5 المائدة، الآية:4.
6 النمل، الآية:22.
7 المجادلة، الآية:11.
8 فاطر، الآية:28.
9 عبد الله الوادعية كتاب قيّم لا أعلم له نظيرا "العلم والعلماء".
10 الأعراف، الآية:3.
11 الملك، الآية:16.
12 طه، الآية:5.
13 المحاضرة ألقيت في إب قبل أن ينسلخ محمد المهدي من السنة، وأما الآن فيخشى عليه
أن ينسلخ من الدين فقد تعلق بالسياسة الكذابة، فقد حصل خصام بين أهل قريتين،
فأحيلت المسألة إلى محمد المهدي ومدير الناحية وشخص يقال له: عبدالكريم، فألزم
المحكمون أحد الطرفين أن يذبح أربعة أثوار، فانظر إلى هذه الانتكاسة كيف يأمرون
بالذبح لغير الله فنعوذ بالله من أن نرد على أعقابنا، وحسبنا الله ونعم
الوكيل.





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sayedmobark.yoo7.com
 
حول العلم وفوائد في علم الحديث للشيسخ مقبل الوادعي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» علم الحديث للشيخ مقبل الوادعي
» الشيخ مقبل الوادعي -رحمه الله
» كيف تتعلم البحث؟ للشيخ مقبل الوادعي
» الجمع بين الصلاتين في السفر للشيخ مقبل الوادعي(2)
» الجمع بين الصلاتين في السفر للشيخ مقبل الوادعي(1)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع الكاتب المصري سيد مبارك :: مكتبة الحديث وعلومه :: اضواء علي علم الحدبث-
انتقل الى: