موقع الكاتب المصري سيد مبارك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الموقع الشخصي للكاتب المصري سيد مبارك ( بث مباشر للقنوات الإسلامية - مواقع إسلامية - مكتبة إسلامية شاملة - برامج أسلامية - القرأن الكريم وعلومه)
 
الكاتب والداعيةالرئيسيةأحدث الصوردخولالتسجيل
ouuouo10.jpgouuou_10.jpgououoo10.jpgoouo_o10.jpgouuuus10.jpguoou_u10.jpguusu_o10.jpguo_ooo10.jpguooooo10.jpguu_uou10.jpg
مؤلفات الشيخ سيد مبارك أطلبها من المكتبة المحمودية بالأزهر الشريف- مكتبة أولاد الشيخ بفيصل- مؤسسة قرطبة بالهرم...مؤلفات الشيخ سيد مبارك أطلبها من المكتبة المحمودية بالأزهر الشريف- مكتبة أولاد الشيخ بفيصل- مؤسسة قرطبة بالهرم


 

 كتمان العلم الشّرعي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشيخ سيد مباØ
صاحب الموقع
صاحب الموقع
الشيخ سيد مباØ


عدد الرسائل : 2210
العمر : 63
العمل/الترفيه : كاتب اسلامى
تاريخ التسجيل : 07/12/2008

كتمان العلم الشّرعي Empty
مُساهمةموضوع: كتمان العلم الشّرعي   كتمان العلم الشّرعي Emptyمارس 8th 2012, 7:03 pm






[center]كتمان العلم الشّرعي
د. عمر عبدالكافي


بتصرف من حلقات آفات اللسان
كتمان العلم الشّرعي عن النّاس آفة خطيرة، يعني إنسان يعلم ثم يكتم هذا العلم عن النّاس، ويمنع نفسه من هذا الواجب الشّرعي؛ الّذي يجب أن يقوم به طالما يعرف الأحكام و يجب أن ينشر هذا بين النّاس.
يقول سبحانه و تعالى: (إِنَّ
الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى
مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ
يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ
تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة:159-160).
ولذلك يقول صلّى الله عليه و سلّم: "من سئل عن علمٍ فكتمه ألجم بلجامٍ من نارٍ يوم القيامة" (1). فما هو كتم الحق؟ ما نوعيّته؟ قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى) (البقرة: من الآية159).
كلّ من يكتم علماً من دين الله سبحانه و تعالى يحتاج النّاس إليه كان من الّذين كتموا الحق، هذا هو الذي يلجم بلجامٍ من نار يوم القيامة. و لذلك إذا كان هناك أحد ممن ينتسبون إلى العلم و العلماء إذا قصد هذا الكتمان يصير عاصياً لله سبحانه و تعالى.


كما أنّ بعض العلماء يحذّرون من أن نعلّم المبتدع الجدال و قرع الحجّة بالحجّة حتّى لا يجادل أهل الحق.
وإذا جاء إنسان غير مسلم يريد أن يتعلّم الإسلام، و قال: علّموني ما هو الإسلام؟ ما هو الدّين؟ يجب أن نعلّمه، أو يرى إنساناً دخل الاستقامة من عهدٍ قريب، لا يحسن مثلاً أحكام الوضوء و أركان الصّلاة، و يقول: علّموني !أفتوني! أرشدوني! هنا هل يجوز للمسلم أن يمتنع عن الجواب؟ أبداً؛ لأنّه إن امتنع فهو إنسان آثم يستحقّ الوعيد بالعقوبة.
وقد سئل أحد التابعين، عن حديث الرّسول صلّى الله عليه و سلّم: "طلب العلم فريضة على كلّ مسلم" قال: " كلّ عملٍ كان عليك فرضاً، فطلب علمه عليك فرض، و ما لم يكن العمل به عليك فرضاً فليس طلب علمه عليك بواجب"(2). (كل عملٍ كان عليك فرضاً فطلب علمه عليك فرض): يعني: أنا مفترض عليّ الصّلوات الخمس يصير تعلّم أركان الصّلاة و مندوباتها ومستحبّاتها و مكروهاتها و مبطلاتها، لا بدّ أن أعرف هذه القواعد؛ لأّن الصلاة فرض، هكذا في الصّيام أيضاً، الصّيام فريضة، وهكذا في مسألة الزّكاة؛ يجب أن أعرف كيف أخرج زكاة مالي، كيف هي زكاة الزّروع و الثّمار، كيف تكون زكاة العقارات، كيف يزكّي الإنسان عن المال الّذي عنده، كيف يزكّي عن الأسهم الّتي يمتلكها في شركة أو مؤسسة أو منشأة إلى غير ذلك، كيف تزكّي المرأة عن المجوهرات و الحلي الّتي عندها، هل سوف تأخذ بالرأي الّذي يقول إن فيها زكاة أو الرأي الّذي يقول إن الملبوس منها لا زكاة عليه، و ما هو مقدار هذه الزّكاة؛ لأنّ الزكاة فرض.
فيجب أن نتعلم، يعني لماذا إذا أصاب الإنسان منّا مرض معيّن سأل عن أفضل الأطبّاء وأفضل الخبراء في هذه المسألة ويسافر يقطع الفيافي والقفار، و يركب متون الطّائرات لكي يسافر لأنّه يخاف على صحّته، فلماذا لا نخاف على آخرتنا و ديننا؟
فإذا عنّ للإنسان أمر يجب أن يعرفه طالما أنّ هذا الأمر هو فرض عليه، يجب أن يتعلّمه فيصبح هذا العلم فرضاً. فكما أنّ الإنسان يذهب ليؤدّي مناسك الحج فعندئذٍ يجب أن يعرف من أين يبدأ بالإحرام، من أين يبدأ بالتلبية، ما هي محظورات الإحرام، ما هي الأمور الّتي يجب عليه فيها دم معيّن و كفّارة معيّنة، ما الّذي مثلا ً إذا أخلّ بواجب من الواجبات أو شيء من هذا القبيل، ما الّذي يجبر هذا الخلل أو النّقص إلى غير ذلك، فإذاً يصير هذا العلم الّذي هو أصلاً لا أعرف كيف أعبد الله عزّ و جل بما فرضه عليّ يصير هذا العلم فرضًا.


ولذلك وجب على الّذين يأمرون النّاس بالمعروف وينهون عن المنكر أن يكونوا قدوة أمام النّاس، ولذلك روى أسامة بن زيد، رضي الله عنهما، عن النّبيّ صلى الله عليه و سلّم يقول: "يجاء
بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدوركما يدور
الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أي فلان ما شأنك أليس كنت
تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه
وأنهاكم عن المنكر وآتيه" (3).
و الله عزّ و جل يعيب على هؤلاء الّذين يأمرون و لا يأتمرون: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (البقرة:44). وفي آية سورة هود، قال تعالى: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ) (هود من الآية:88). وفي آية أخرى، يقول تعالى: )يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ
مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف:2-3).
لذلك قال الحسن البصري لمطرف بن عبد الله، رحمهما الله: عظ أصحابك. فقال: إنّي أخاف أن أقو ل ما لا أفعل. قال: يرحمك الله وأيّنا يفعل ما يقول! ويودّ الشيطان أنّه قد ظفر بهذا فلم يأمر أحد بمعروف و لم ينه عن منكر.
وهكذا قال سعيد بن جبير: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف و لا ينهى عن المنكر حتّى لا يكون فيه شيء، ما أمر أحدٌ بمعروف و لا نهى عن منكر. فقال مالك بن ربيعة معلّقاً على هذا: صدق من ذا الّذي ليس فيه شيء (4).
هذا مخرج جميل و ميسّر تماماً لنا أنّ الإنسان إذا جاءه الشّيطان يقول له: لا تأمر بالأوامر الّتي أنت مأمور أن تأمر بها و لا تنهى عن النّواهي إلاّ إذا ائتمرت بكلّ ما تأمر به و انتهيت عن كل ما تنهى عنه يقول الحسن البصري للمطرف: يرحمك الله وأيّنا يفعل ما يقول. لعلّه و هو يأمر بالمعروف غيره هو في ذاته يأمر نفسه، و عندما ينهى عن منكر معيّن أيضاً ينهى نفسه. فمثلاً، يقول لإنسان: لا تؤخّر الصلاة عن وقتها، إيّاك أن تصلّي في بيتك صلوات الجّماعة و الفرائض و هو ربّما غير مواظب عليها في المسجد مثلاً ، لعلّه و هو يعظ أخاه بهذا يعظ نفسه. لعلّه يقول لإنسان: عليك أن تقرأ كلّ يوم على الأقل جزءاً من القرآن و هو الّذي يقول هذا إنّما ينقل كلام بعض أهل العلم فيقول في نفسه أنا لا أقرأ هذا الجزء كيف آمر غيري؟ نقول: إذا نوى نيّة صادقة أن يعظ هو نفسه و أن يتق الله ربّ العالمين فيما يقول ويحاول أن يطبّق هذا على نفسه و لو بالنيّة الصادقة إلى أن يأتيه هذا الأمر، و إلاّ لو انتظر كلّ واحدٍ منّا حتّى ينفّذ كلّ ما يقول و يفعل كل ما يقول لما أمر آمر ولما نهى ناهٍ. ولكن هناك تشديد خطير وخوف كبير من الّذين لا يعملون بما يعلمون. و روي في الأثر : من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم، و من لم يعمل بما يعلم تاه فيما يعمل و لم يوفّقه الله فيما يعلم (5).
وحقيقة الأمر أن كلّ من قدر على الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر، طالما أنّه لم يخف على نفسه ضرراً معيّناً، أو لا يكون الآمر متلبّساً بالمعصية؛ لأنّه في نهاية الأمر هو يؤجر على قوله المعروف. أمّا إثمه الخاص به فقد يغفره ربّ العباد سبحانه و تعالى و قد يؤاخذه عليه، هذا أمر بين العبد و ربّه، هذا أمر عام لا يخص ناساً معيّنين، يعني حقيقة الأمر نحن نهيب بالجميع، لأنّ نحن أمّة مأمورة أن تأمر بالمعروف و أن تنهى عن المنكر، و هذه الخيريّة في تلك الأمّة: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه) (آل عمران: من الآية110).
إذاً يعني هذا أمر عام ولا يخص طائفة معيّنة، و لذلك كتمان العلم الشّرعي هذا يردنا موارد التّهلكة؛ لأنّ إذا قصّر كلّ واحدٍ منّا بما عنده من علم أن يخبّر به إخوانه، أو أن يعلّم به النّاس.
إذاً هذه آفة خطيرة أنّ عطّل اللّسان عن الخير الّذي يجب أن يكون عليه، عطّل للأسف الشّديد توصيل الأمانة و إبلاغ النّاس بما أمر به أن يبلّغ، طالما أنّه يعلم هذا الأمر علم إحاطةٍ و شمول إلى حدٍ ما، عندئذٍ يجب عليه أن يبلّغ و أن يأمر و أن ينهى، ولذلك كتمان العلم الشرعي آفة خطيرة حقيقة الأمر تعطّل المهمّة الأساسيّة لهذه الأمّة الّتي يعني نحن نفخر بها جميعاً و يجب على المسلم أن يتّقي الله ربّ العالمين في هذا الأمر، و يستعين بالله سبحانه و تعالى على فعل الخير ففي حديث أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مثل
المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن
الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق
الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا
يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر " (6).
فانظر إلى الخير الّذي يجب أن يصنعه الإنسان، إذا كان الإنسان عندما يقرأ القرآن، و هو مؤمن فيصير كالأترجّة، وحتّى الفاجر الّذي يقرأ القرآن كمثل الرّيحانة له ريحٌ و رائحة القرآن الجّميلة و ذكرٌ وعطر بكلام الله عزّ و جل.
الاستدلال هنا أنّ الإنسان لا يعطّل لسانه عن ذكر الله، لا يعطّل لسانه عن إبلاغ كلام الله لعباد الله لا يكتم العلم الّذي عنده؛ لأنّ هذه آفة خطيرة.

سوف أتوقّف هنا مع هذا الحديث عن سمرة بن جندب، رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلّى الله عليه و سلّم فيما يقول لأصحابه: "هل رأى أحدٌ منكم رؤيا"؟
قال: فيقصّ عليه من شاء أن يقص (يعني لو كان إنسان من الصّحابة، أو أحد
الصّحابة رأى رؤية فيقصّها بالتّالي على النّبي صلّى الله عليه و سلّم)
قال: و إنّه قال لنا ذات غداة يعني: صبيحة يوم:" إنّه أتاني الليلة آتيان، (يعني: ملكان من الملائكة)، و
إنّهما ابتعثاني، و إنّهما قالا لي: انطلق و إنّي انطلقت معهما، و إنّا
أتينا على رجلٍ مضّطجع و إذا آخر قائم عليه بصخرة و إذا هو يهوي بالصّخرة
برأسه فيثلغ بها رأسه (يعني: تنكسر و تجلخ) فيتدهده الحجر ههنا، (يعني: يتدحرج الحجر هاهنا)، فيتّبع الحجر يأخذه فما يرجع إليه حتّى يصحّ رأسه (يعني:
إلى أن يذهب الملك أو الرجل، الّذي على صورة رجل، عندما يذهب ليجمع الحجر
يكون رأس الرّجل الّذي يعني شدغ هذا عاد كما كان، حتّى يصحّ رأسه كما كان،
ثمّ يعود عليه فيفعل به مثلما فعل المرّة الأولى). فمنظر غريب، "قلت: سبحان الله" الرّسول يتعجّب ما هذا؟ ما هذا الّذي يحدث؟ يعني: رجل يمسك بحجر و يشدغ رأس رجلٍ آخر، يتكسّر رأس الرّجل، ثمّ يتدهده الحجر يعني: يتدحرج بعيداً فيذهب ليأتي بالحجر إلى أن يأتي بالحجر تكون رأس الرّجل قد عادت سليمة مرّةً أخرى كما كانت، ما هذان؟ "قالا لي: انطلق، انطلق. فانطلقت معهما (يعني: لم يأت التّفسير بعد) "فأتينا على رجلٍ مستلقٍ لقفاه (يعني: نائم على ظهره) و إذا آخر قائم عليه بكلّوبٍ من حديد و إذا هو يأتي أحد شقّي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه (يشرشر شدقه، يعني: يشققه ويقطعه، و منخراه إلى قفاه و عيناه إلى قفاه) قال: ثمّ يتحوّل إلى الجانب الآخر فيفعل به مثلما فعل بالجانب الأوّل، فما يفرغ من ذلك الجانب حتّى يصحّ الأوّل كما كان، ثمّ يعود فيفعل به مثلما فعل به المرّة الأولى (يعني: منظر عجيب معه عبارة عن كلّوب حديد يأخذ من فم الرّجل هذا المستلقي
لقفاه ويسحب هكذا فيمزّق وجهه من فمه، ثمّ من منخريه، ثمّ من عينيه إلى
جّانب أذنه، ثمّ يذهب إلى الناحية الأخرى، فعندما يذهب إلى النّاحية
الأولى تكون التأمت النّاحية الأولى، و هكذا) قال: "قلت: سبحان الله! ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق، انطلق. فانطلقنا (هكذا يقصّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذه الرّؤيا العجيبة، ورؤيا الأنبياء نوع من الوحي) فأتينا على مثل بناء التّنور (يعني: الفرن الموقد) قال عوف: وأحسب أنّه قال: وإذا فيه لغط وأصوات (فيه: أصوات يعني) قال: فاطّلعت فإذا فيه رجال ونساء عراة و إذا هم يأتيهم لهيب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللّهب ضوضووا (يعني: ضجوا و صاحوا، نسأل الله السّلامة) قال: "قلت ما هؤلاء؟ قال: قالا لي انطلق، انطلق، قال: فانطلقنا. فأتينا على نهر حسبت أنّه قال أحمر مثل الدّم، و إذا في النّهر رجلُ يسبح، ثمّ يأتي ذلك الرّجل الّذي قد جمع الحجارة فيفغر له فاه" (يعني يفتح له فمه)، "فيلقمه
حجراً حجراً، فينطلق فيسبح ما يسبح ثمّ يرجع إليه، كلّما رجع إليه فغر له
فاه و ألقمه حجراً. قال: قلت ما هذا؟ قال: قالا لي: انطلق، انطلق فانطلقنا
فأتينا على رجلٍ كريه المرآة كأكره ما أنت راءٍ رجلاً مرآه (يعني: إنسان شكله صعب لا تستطيع أن تنظر إليه) فإذا هو عند نار له يحشّها و يسعى حولها (يعني: نار يحشّها أي: يوقدها) قال: "قلت لهما: ما
هذا؟ قالا لي: انطلق، انطلق فانطلقنا فأتينا على روضة معشبة فيها من كلّ
نور ربيع، قال: و إذا بين ظهراني الرّوضة رجلٌ قائم طويل، لا أكاد أن أرى رأسه طولاً في
السّماء و إذا حول الرّجل من أكثر الولدان رأيتهم قط و أحسنهم. قلت لهما:
ما هذا؟ وما هؤلاء؟ قال: قالا لي: انطلق، انطلق، فانطلقنا. فانتهينا إلى
دوحةٍ عظيمة (شجرة عظيمة) لم أرَ دوحةً قط أعظم منها ولا أحسن. قال: فقالا لي: ارق (اصعد)، فارتقينا فيها فانتهيت إلى مدينة مبنيّة بلبن ذهب ولبن فضّة فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا، فدخلنا فلقينا فيها رجالاً شطرٌ من خلقهم كأحسن
ما أنت راء و شطرٌ كأقبح ما أنت رائي قال : فقال لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك
النّهر. فإذا نهرٍ صغير معترض يجري كأنّما هو المحض في البياض. قال:
فذهبوا فوقعوا فيه ثمّ رجعوا إلينا و قد ذهب ذلك السّوء عنهم و صاروا في
أحسن صورة. قال (هنا سوف يأتي شيءٌ من التّفسير) فقالا لي: هذه جنّة عدن وهذاك منزلك. (يعني: هذا منزل و مقام رسول الله صلّى الله عليه و سلّم، اللهم اجمعنا به يا ربّ العالمين في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر) قال: فبينما بصري صعداً فإذا قصرٌ مثل الرّبابة البيضاء. قلت لهما: بارك الله فيكما، ذراني فلأدخله (يعني: اتركاني حتّى أدخل) قالا لي: والآن فلا، وأنت داخله (يعني: الآن لا ولكن أنت داخل هذا القصر و هذا المكان العظيم و لكن ليس الآن)
قال: فإنّي رأيت منذ الليلة عجباً. فما هذا الّذي رأيت؟ قال: قالا لي: أما
إنّا سنخبرك. أمّا الرجل الأوّل الّذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنّه
رجلٌ يأخذ القرآن فيرفضه (يعني: يقرأ القرآن ولكن لا يطبّق ما فيه،
يقرأ القرآن و يصير القرآن حجّةً عليه، يقرأ القرآن لا يحل حلاله ولا
يحرّم حرامه، يقرأ القرآن و لا ينفذ ما فيه من أوامر، ولا ينتهي عمّا نهى ربّ العباد سبحانه و تعالى فيه من نواه) قال: "هذا رجلٌ يأخذ القرآن فيرفضه و ينام عن الصّلوات المكتوبة، و أمّا الرجل الّذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه و عيناه إلى قفاه و منخراه إلى قفاه فإنّه رجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق"
انظر إلى قبح المنظر، إنسان كذّاب، يكذب على النّاس، و يقول كذباً، و يخوض
في الأعراض، و يقول كلاماً سيّئاً بذيئاً، انظر إلى ما يفعل به. "وأما
الرّجال و النّساء العراة الّذين في بناء مثل بناء التّنور فإنّهم الزّناة
و الزّواني، أمّا الرّجل الّذي يسبح في النّهر ويلقم الحجارة فإنّه آكل
الربا. أمّا الرّجل الكريه المرآه الّذي عند النّار يحشّها
فإنّه مالك خازن جهنّم. أمّا الرجل الطويل الّذي رأيت في الرّوضة فإنّه
إبراهيم عليه السّلام. و أمّا الولدان الّذين حوله فكلّ مولود مات على
الفطرة. قال: فقال بعض المسلمين: يا رسول الله وأولاد المشركين؟ فقال صلّى الله عليه و سلّم : "و أولاد المشركين" ( لأنّهم لم يبلغوا الحلم بعد) "و أمّا القوم الّذين كان شطر منهم حسناً و شطرٌ قبيحاً فإنّهم خلطوا عملاً صالحاً و آخر سيّئا فتجاوز ربّ العباد سبحانه و تعالى عنهم (7).
هذا حديث من الأحاديث الّتي يجب على المسلم أن يتوقّف عندها و يتدارسها و ينظر ما هذه الصّور الصّعبة الّتي
رآها، و العجيبة الّتي رآها النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم في هذه
الرّؤيا، و هي صورة من صور الوحي، أو يعني صورة واضحة مما يوحي إلى رسول
الله صلّى الله عليه و سلّم.
فالرؤى لا تقعد قاعدة من قواعد الشرع عند الناس جميعاً، إلا ما يراه الأنبياء، فرؤيا الأنبياء حق، ورؤيا الأنبياء نوع من الوحي؛ كما قال الخليل لابنه: (
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي
الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ
افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات:102).
ورؤيا يوسف عندما قال لأبيه: (إِذْ
قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ
كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) (يوسف:4)
والرؤيا التي يراها الناس عامة، يعني: تؤول ولا تقعد قاعدة من قواعد الشرع، أما الرؤيا عند الأنبياء، فهي نوع من أنواع الوحي.
إن
في هذا الحديث الذي يجب أن نراعيه مسألة الرجل الذي يأخذ القرآن، فيرفضه،
وينام عن الصلوات المكتوبة، هذا إنسان وصفه كمثل وصف رب العباد سبحانه
وتعالى لمعشر اليهود عندما قال سبحانه:
(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا
كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ) (الجمعة:5).
فالإنسان
عندما يتعلم القرآن، يجب ألا ينام عنه، ويحل حلاله ويحرم حرامه، ولا ينام
عن الصلوات المكتوبة، ولا يكذب، ولا يرتكب ما حرم الله عز وجل، ولا يأكل
الربا، كل هذه الصور في هذا الحديث تري أن الإنسان عندما يتعلم العلم
الشرعي أولاً، لا يكتمه، ولا يترك العمل به.


نسأل الله سبحانه و تعالى أن يجعلنا منطلقةٌ ألسنتنا، لهّاجة بذكر الله نقّالة للعلم الشرعي لعباد الله إنّ ربّنا على ما يشاء قدير.
-------------


1) - صحيح
لكثرة طرقه، قال المنذري في"الترغيب والترهيب" (1/70):" رواه أبو داود
والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقي ورواه الحاكم بنحوه
وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وفي رواية لابن ماجه قال:" ما من رجل يحفظ علما فيكتمه إلا أتى يوم القيامة ملجوما بلجام من نار".
2) - انظر :"جامع بيان العلم وفضله"(1/23-62) ففيه نقول عن كثير.
3) - أخرجه البخاري في"صحيحه" (3/1191) رقم (3094)، ومسلم في "صحيحه" (4/2290) رقم (2989).
4) - انظر هذه الأقوال وغيرها في "تفسير ابن كثير" (1/367).
5) - ذكره الحافظ ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم" (1/342) من غير عزو.
6) - أخرجه البخاري في"صحيحه" (5/2070) رقم (5111)، ومسلم في"صحيحه" (1/549) رقم (797).
7) - أخرجه البخاري في"صحيحه" (1/466) رقم (1320)، ومسلم في"صحيحه" (4/1781) رقم (2275).
[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sayedmobark.yoo7.com
 
كتمان العلم الشّرعي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مختارات للدعاة وطلبة العلم
» حول العلم وفوائد في علم الحديث للشيسخ مقبل الوادعي
» الرد على شبهة القران يخالف العلم((العقل في القلب ام في الدماغ))
» خلاف أهل العلم في الوضوء من لحم الإبل الشيخ دبيان محمد الدبيان
» حمل كتاب لويس موسيل ، حياة بين العلم والسياسة/ د. سعيد السعيد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع الكاتب المصري سيد مبارك :: مكتبة المقالات الشرعية والعلمية :: مقالات عن الإخلاق والمعاملات-
انتقل الى: